Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Yayın Yeri
بيروت
Türler
فإن قالوا هؤلاء فقد كانوا يتكلمون بألسنتهم سراً فكفروا بذلك وإنما يكون مؤمناً إذا تكلم بلسانه ولم يتكلم بما ينقضه، فإن ذلك رده عن الإيمان قيل لهم ولو أضمروا النفاق ولم يتكلموا به كانوا منافقين قال تعالى يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تذبثهم بما في قلوبهم: (قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون) وأيضاً قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وأنهم كاذبون فقال تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) وقال تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام علانية والإيمان في القلب»، وقد قال الله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وفي الصحيحين عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى رجالاً ولم يعط رجلاً فقلت يا رسول الله أعطيت فلاناً وفلاناً وتركت فلاناً وهو مؤمن فقال: «أو مسلم مرتين أو ثلاثا» وبسط الكلام في هذا له مواضع أخر، وقد صنفت في ذلك مجلداً غير ما صنفت فيه غير ذلك.
وكلام الناس في هذا الاسم ومسماه كثير، لأنه قطب الدين الذي يدور عليه وليس في القول اسم علق به السعادة والشقاء والمدح والذم والثواب والعقاب أعظم من اسم الإيمان والكفر، ولهذا سمي هذا الأصل مسائل الأسماء والأحكام، وقد رأيت لابن الهيضم فيه مصنفاً في أنه قول اللسان فقط، ورأيت لابن الباقلاني فيه مصنفاً أنه تصديق القلب فقط وكلاهما في عصر واحد وكلاهما يرد على المعتزلة والرافضة.
43