409

وقال عليه السلام: كل معروف بنفسه مصنوع، وكل قائم في سواه معلول، فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لابجولان فكرة. إلى قوله: يريد ولايضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة، يقول لما أراد كونه كن لابصوت يقرع ولانداء يسمع، وإنما كلامه فعل منه أنشأه ومثله. ولذلك أطبقت الأئمة المتقدمون على أن صفات الله ذاته، والمعنى أنا لانثبت أشياء غير الذات وعلى أن الإرادة نفس المراد، والمعنى أنا لانثبت شيئا غير المريد والمراد، وأن أفعاله صادرة بإحكام لاكما يفعله الناسي والساهي وصاحب المنام، فإن أردت تطبيقه على قواعد الحقيقة والمجاز، فلايتأتى ذلك عند صاحب الاحتراز، لأن الحقيقتين مختلفتان وإن أكثرنا الإطناب أو الإيجاز، إذ شرط الحقيقة أن تكون موافقة للإصطلاح الذي به التخاطب، والمجاز غير ذلك، واستعماله في حق الله وصفاته لايجوز بغير إذن كما لايخفى، غاية مايجوز الإقدام عليه القول بأنه من باب التشبيه والتمثيل وهو تشبيه الهيئة بالهيئة والوجه منتزع من متعدد كقوله:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا .... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

والمعنى: تعدد الإدراكات لمسموع ومبصر. وقد أشار إليه الوصي فيما حكيناه عنه بقوله: وإنما كلامه فعل منه أنشأه ومثله.

وأما مسألة لايقضي القاضي وهو غضبان، فالنهي للإرشاد لكون حالة الغضب مظنة الغلط أو الحمق، وأما المئنة المتعلقة بصحة الحكم أو بطلانه فهي إعطاء النظر حقه بدليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا حكم الحاكم وأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد)). وحديث: ((الحكام ثلاثة حاكم في الجنة وحاكمان في النار)). وهو المطابق لقوله تعالى: ((ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)) فتقرر أن الحكم بالتعلق بالحكم هو إعطاء النظر حقه أو عدمه، فلايتفرع عليه كون النهي يدل على الفساد أو عدمه.

Sayfa 397