367

[بيان المؤلف أن من معاني القضاء والقدر العلم والإعلام]

فالقضاء والقدر بمعنى: العلم والإعلام كما قال تعالى: ((وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين))[الإسراء:4]. وقال سبحانه: ((وأنزلنا من السماء ماء بقدر)) [المؤمنون:18]. وقوله تعالى: ((ولكن ينزل بقدر ما يشاء)) [الشورى:27] وبهذا المعنى يجب الإيمان بأن كل شيء بقضاء الله وقدره _أي بعلمه_ لأنه بكل شيء عليم، ولايجب ولايجوز الرضاء والإيمان بكل شيء قضاه وقدره _أي علمه أو أعلم به_ لأن مما علمه وأعلم به تعالى الكفر والفساد وجميع المعاصي ولايرضاه الله سبحانه وتعالى قال عز وجل: ((ولا يرضى لعباده الكفر)) [الزمر:7]. ((والله لا يحب الفساد)) [البقره:205]، ((وما الله يريد ظلما للعالمين)) [آل عمران:108]، ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) [البقره:185] وليس من اليسر أن يدخلنا في الكفر والمعاصي التي توجب النار بل من العسر، وكيف يأمرنا بالرضا بها وهو عز وجل يقول: ((ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان)) [الحجرات:7] وفرق واضح لمن عقل بين الإيمان والرضاء بالقدر والقضاء بمعنى العلم والإخبار من الله تعالى وبين الإيمان والرضاء بالمعلوم الذي هو من العباد، فالذي هو من الله يجب الإيمان به، والذي هو من العباد ماكان خيرا يجوز الرضاء به وماكان شرا لايجوز الرضاء به، والمعلوم ليس بقضاء ولاقدر، إنما هو مقضي ومقدر _أي معلوم على هذا المعنى_.

Sayfa 353