167

[جواب المؤلف بأن هذه الشبهة لم تقدح في قلوب بعض الناس إلا

من قبل نحو عامين]

ثم قال: واعلم أيها السائل أنها لم تقدح هذه الشبهة في قلوب بعض الناس إلا من قبل نحو عامين وإلا فكان الناس يعدون ذلك فرصة ليدخلوا المدينة .. إلى آخره.

فأقول: هذا عجيب بل الحقيقة الواقعة المعلومة العكس، وذلك أن انقداح الشبهة هو في ترك الإحرام من الميقات الشرعي لمن دخله من الحجاج وهذه الشبهة هي التي حدثت من قريب.

وقوله: فكان الناس يعدون ذلك فرصة. هذا خلاف الواقع قطعا فإن الناس كانوا _أي الحجاج منهم_ يحرمون من الميقات، وماكانوا يزورون إلا بعد الحج وإنما حدث العزم للزيارة قبل فعل الحج من قريب، ففي كلامه إيهام أن الحجاج في الأعصار الماضية كانوا يقدمون الزيارة ولايحرمون وهو خلاف الواقع قطعا. ثم قال: ولايخفى أن القائلين بلزوم الإحرام عند مجاوزة الميقات ولو إلى غير الحرم كانوا متمسكين بما يفعله غيرهم الآن من الزيارة قبل الحج مجاوزين الميقات بغير إحرام، فما عدا مما بدا؟

فأقول: سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، فلم يسبق لنا التمسك بذلك ولا العمل به، فإن قصد غيرنا فكان عليه أن يخصص أو يقول البعض، ولا يأتي بعبارة تفيد الكل، ومع هذا فإن فرض أن البعض كان يعمل ذلك ثم رجع عنه فما في هذا من غضاضة أو نقص، فهذا شأن أهل النظر والاجتهاد يرجعون عن القول متى ترجح لهم خلافه، وقد عدوا ذلك دلالة على غزارة العلم وإمعان النظر فالتصميم على ماعرف أنه خطأ هو المذموم عقلا وشرعا، فلأي معنى يأتي بهذه العبارة التي فيها الإيهام على قاصري الأفهام، أفهذه طريقة العلماء الأعلام؟!

Sayfa 157