146

============================================================

ثم شرع العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه في قسم الغنيمة ونفل الأنفال، فلما فرغ من ذلك. . قال : اذهبوا بنا إلى دارين؛ لنغزو من بها من الأعداء، فأجابوه إلى ذلك سراعا، فسار بهم حتى أتى ساحل البحر ليركبوا في السفن، فرأي أن المسافة بعيدة، وأنهم متى ركبوا السفن.. طالت المدة، وهرب الأعداء، فاقتحم فرسه في لجة البحر، وهو يقول: يا أرحم الراحمين، يا حليم، يا كريم، يا أحد، يا صمد، يا حي، يا قيوم، يا محي، يا مميت؛ لا إله إلا آنت يا ربنا، وأمر الجيش أن يقولوا ذلك ويقتحموا البحر بخيلهم ، ففعلوا ذلك، فأجاز بهم الخليج بإذن الله عز وجل؛ يمشون على مثل رملة دمثة(1)، فوقها ما لا يبلغ أخفاف الإبل، ولا يصل إلى ركب الخيل ، وكان مسيره في السفن يوما وليلة ، فقطعه إلى الساحل الآخر، وقاتل الأعداء وقهرهم وحاز غنائمهم، ثم رجع، فقطعه إلى الجانب الآخر، فعاد إلى موضعه الأول، وذلك كله في يوم، واستاق الذراري والأنعام والأموال، ولم يفقد المسلمون في البحر شيئا سوى عليقة(1) فرس لرجل من المسلمين، ومع ذلك فقد رجع العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه، وجاء بها، فدفعها إلى صاحبها، ثم قسم غنائم المسلمين، فأصاب الفارس الفين، والراجل ألفأ، مع كثرة الجيوش، وكتب إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه يعلمه بذلك، وبعث الصديق يشكره على ما صنع وقد قال عفيف بن المنذر رضي الله عنه في مرورهم في البحر شعرا، وهو : ألم تر أن الله ذلل بحرة وأنزل بالكفار إحدى الجلائل دعونا إلى شق البحار فجاءنا بأعجب من فلق البحار الأوائل وقد ذكر سيف بن عمر عن عفيف بن المنذر رضي الله عنه : أنه لما كان مع المسلمين في هلذه المواقف والمشاهد التي رآها من أمر العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه، وما أجرى الله عز وجل على يديه من الكرامات من رجوع الابل بأحمالها، والغدير العظيم، والمسير بالخيل في البحر ذهابا وايابا، وجميع الجيش معه.. [أسلم) : ومن ذلك أيضا : أن راهبا من أهل هجر آسلم وحسن إسلامه، وأنه قيل له : ما دعاك إلى الإسلام ؟ فقال : والله لو لم أفعل.. لخشيت أن يمسخني الله عز وجل، وذلك لما (1) الرملة الدمثة : اللينة السهلة، التي ليست متلبدة (2) العليقة : القضيم يعلق على الدابة

Sayfa 146