وآل مهنا الحسنيّون الذي خالطهم ابن الفوطيّ مخالطة تامّة وروى عن جماعة منهم؛ ولذلك سافر الى الحلّة وإن كان سفره في طلب الرّزق أيضا.
إنّ الذي رفع مقام ابن الفوطيّ هو زيادته على كتابة من كتب من المؤرّخين قبله، وذلك بذكره حوادث عصره ومعاصريه. ولذلك استأهل أن يذكر في كتب التاريخ والتراجم الجليلة، مثل كتب شمس الدين الذهبيّ، وكتب الصفديّ، وتاريخ ابن رافع السّلاّميّ، وكتب غيرهم من المؤرّخين غير العراقيّين؛ فضلا عن العراقيّين على قلّتهم بعد ذلك العصر. وقد استحقّ أن يذكره الذهبيّ بقوله في «تذكرة الحفّاظ»: «ابن الفوطيّ العالم البارع، المتقن المحدّث، الحافظ المفيد، مؤرّخ الآفاق، معجز أهل العراق، كمال الدين أبو الفضائل عبد الرزّاق بن أحمد (١) ...».وقال مؤلّف كتاب «غاية الاختصار» في خبر رواه: «حدّثني الفاضل المؤرّخ العلاّمة أبو الفضل عبد الرزّاق بن أحمد الشيباني» يعني ابن الفوطيّ، وقد وصفه ب «الفاضل العلاّمة».وقال الذهبيّ في موضع آخر: «ما كان ابن الفوطي بدون أبي الفرج الأصبهاني (٢)».وقد قدّمنا قول ابن حجر في «الدّرر»: «إنّه كان روضة معارف وبحر أخبار».وفي التسوية بينه وبين أبي الفرج الأصفهاني نظر أيّ نظر، وذلك لاختلاف المذهب والمشرب والموضوعات.
وأقول المؤرّخين في مدحه كثيرة، من ذلك قول الذهبيّ في «تذكرة الحفّاظ»: «ابن الفوطيّ العالم البارع المتقن المحدّث الحافظ المفيد».وقوله في موضع آخر وهو «المعجم المختصّ»: «المحدّث البارع العالم المتفنّن مؤرّخ الدنيا» «فاق علماء الآفاق في علم التاريخ وأيّام الناس، وصنّف في ذلك وقر بعير بخطّه
_________
(١) (ولم يثبت الذهبيّ على قوله فقد نقل ابن حجر العسقلاني من تاريخه أنّه قال: «لم يكن ابن الفوطيّ بالثبت فيما يترجمه» «لسان الميزان ٤: ١٠»، وقال في تذكرة الحفّاظ ٤: ٢٧٧: «كان يترخّص في اثبات ما يرصّعه ويبالغ في تقريض المغول وأعوانهم»، مع أنّ المغول كان فيهم المسلم وغير المسلم، فمؤاخذته بالتقريظ لهم عموما مجانبة للإنصاف).
(٢) (لسان الميزان ٤: ١٠، ١١).
1 / 45