رمضان، والتعديل الثاني في شوّال، فابن الفوطي عاد الى بغداد قبل هذين الشهرين من سنة ٧١٨ هـ، وفي شهر جمادى الاولى من تلك السنة، قتل الوزير ابن رشيد الدين بأمر من السلطان أبي سعيد بهادر خان بن السلطان محمد أولجايتو، ولمّا قتل الوزير المذكور كان ابن الفوطيّ ببغداد، والفرق بين جمادى الاولى وشهر رمضان ثلاثة أشهر في الأقلّ. وكان من توفيق الله تعالى له أنّه عاد قبل قتل الوزير، ولولا ذلك ما سلم من الأذى، لأنّه كان في خدمته ومن أتباعه، وإن كان في زمرة الناسخين والكتّاب، ففي ساعة الغضب وعسر الحساب لا يتحدّد الأذى والعقاب.
واستمرّ ابن الفوطيّ على الإقامة ببغداد من سنة ٧١٨ هـ الى سنة ٧٢٣ هـ وفيها توفّي مفلوجا عن إحدى وثمانين سنة، وكانت وفاته في آخر نهار الاثنين غرّة المحرّم؛ وقيل في ثالثه، وقيل في ثاني عشره من تلك السنة، وكانت مدّة إصابته بالفالج أكثر من سبعة أشهر، ودفن في الشونيزية مقبرة الصوفية، وهي أقرب الى شرقيّ بغداد من مقبرة الإمام أحمد بن حنبل بباب حرب؛ وإن كانتا بالجانب الغربيّ، وكانت على سيرة ابن الفوطيّ مسحة من التصوّف، وإن ظئر عليه ظأرا بأسباب مختلفة، فالتعوّد باستمرار الزمن يكون عادة، وكان هو صوفي السيرة والمعيشة دون المشرب والذوق. وربّما كان في دفنه هناك سبب لا نزال نجهله ممّا يخصّ سيرة ابن الفوطيّ من حيث الوفاء بحقوق المذهب الحنبلي وسلوك الطريقة السلفيّة والقيام بالفرائض والسّنن.
_________
- السمرقندي من هذا الكتاب).
1 / 38