ونشاطاته الفكرية والاجتماعية.
المؤلّف
ولا نورد هنا ما كتبه الآخرون عنه، ففي مقدّمة الدكتور مصطفى جواد والاستاذ القاسمي الكفاية فلاحظ، بل نحاول أن نقيّم شخصيّة المؤلّف حسبما لمسناه من كتابه هذا وتعرّفنا عليه بواسطة قلمه.
أمّا من الناحية العلمية فهو لا يتمتّع بإتقان فنّ من فنون العلم، على الرغم من مزاولته لفنّ التاريخ والحديث والرّجال والأدب وغيرها، واشتهاره ببعضها، فهذا كتابه ينبئك بالحق عن ضعفه ووهنه في كافّة المجالات ولا ينبئك مثل خبير.
وأمّا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فهو من المتسكّعين على أبواب الملوك والسلاطين واللاّهثين خلف التجّار والأشراف والامراء دون أن يكون رأسا فيها، بل من المتطفّلين الذين لا يتمتّعون بإرادة حازمة ولا قرار صائب كيما يتحكّم بالظروف والأحوال والاتجاهات بدلا من تحكّمها به.
وأمّا من الناحية الدينية فهو وإن كان اسما وإرثا مسلما حنبليّا، ألاّ أنّه خال من التعصّب لمذهبه، بل وحتى الالتزام بمسائل الدين وضرورات الاسلام بشكل عام ممّا أفقده الاتّزان والاعتدال والسير على اصول قويمة وآداب رشيدة وسنن منجية، فشأنه شأن الكثير من الناس وأسلافهم في السير حسب الظروف الاجتماعية في حقّها وباطلها، فكأنّ الحق بالكثرة والغلبة والتحكّم والتسلّط لا الاهتداء بسنن الأنبياء والأولياء وكتب السماء وما والاها ومخالفة البدع والأهواء مع أنّه شاهد انهيار الحكم العبّاسي الجائر الفاسد وتزلزل أرباب الثروة والمكنة وتشتّتهم ودمارهم ومجيء الحكم المغوليّ الغاشم وما جرّ ذلك من ويلات ونكبات لأرباب الدنيا وطلاّبها، مع ذلك كلّه لم يعتبر ولم يتزوّد من دنياه الفانية للدار الباقية، هذا في الجانب العمليّ، أمّا الجانب النظري فإنّه كان يعي الكثير من امور الحق والباطل، وما عليه الناس من مواصفات حسنة وسيّئة، ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ﴾
1 / 6