ومن هنالك يستبين أنه لا يثبت إدعا من ادعي أن موضع الأرض هو الثالث من الثلاثة التي ذكرنا لأن كل ما نعرض في الموضعين A الأولين من خلاف ما يظهر يجتمع في الثالث.
وبالجملة أقول أنه كان يتغير ويتبدل ألبتة ترتيب الزيادة والنقصان في النهار والليل إن لم تكن الأرض موضوعة في الوسط. ولا يمكن أن تكون الكسوفات القمرية في كل نواحي السماء في مقابلة القمر الشمس علي القطر، /H20/ لأنه كان يكون كثيرا ما لا تستره الأرض في المقابلة لكن في الأبعاد التي تكون أقل من نصف دائرة.
<I.6> @NUM@ و : في أن الأرض كالنقطة عند السماء
إن أعظم ما يعلم به أن الأرض في الحس عند البعد الذي ينتهي إلي فلك الكواكب الثابتة كالنقطة أن عظم أقدار النجوم وأبعاد ما بينها تري في كل موضع، في وقت واحد، متساوية متشابهة كما وجدنا بالأرصاد التي كانت لأمور بأعيانها في أقاليم مختلفة في وقت واحد غير مختلفة ولا مغادرة ولاشيء يسير. ووجدنا حكم مقاييس الظل في أي النواحي وضعت من الأرض، ومراكز ذوات الحلق، كحكم مركز الأرض الحقيقي؛ وتري الأشياء التي تري بالقياس بها ودور الظل موافقة للأصول الموضوعة للأشياء التي تظهر كما كانت تكون لو كانت علي النقطة الوسطي من الأرض.
والدلالة الواضحة علي أن هذا كما ذكرنا أن السطوح التي تخرج من أبصارنا في كل موضع التي تسمي آفاقا تقطع أبدا كرة السماء بأسرها بنصفين. /H21/ ولم يكن يمكن أن يكون ذلك لو كان عظم الأرض محسوسا عند بعد السماء وأنما كان السطح الذي يمر علي نقطة مركز الأرض وحده فقط يقطع الكرة بنصفين وأما (¬35) السطح الذي يمر علي أي موضع كان من بسيط الأرض فإنه يصير أبدا الأجزاء التي تحت الأرض أعظم من التي فوقها.
<I.7> @NUM@ ز : في أن الأرض ليست لها حركة انتقال
وبمثل الذي قد استبان به فيما تقدم أن الأرض ليست بخارجة عن المركز يتبين أنه لا يمكن أن يكون للأرض حركة إلي شيء من النواحي ولا نقلة ألبتة عن موضع المركز لأنها لو انتقلت لعرضت تلك الأعراض التي كانت تعرض لو كان موضعها غير الوسط. ولذلك رأيت أن الفحص عن أسباب الحركة التي إلي الوسط أيضا فضل بعد أن قد استبان مرة أن الأرض في الوسط من العالم، وأن الثقال كلها ترجحن إليها. وأيسر ما يظهر مما يقرب مأخذه في وجود ما ذكرنا أن مع الذي قد بينا من أن شكل الأرض كري وموضعها وسط الكل /H22/ فإن حركات الأجسام الثقال الخاصية لها وجهات الحركة تكون في كل وقت وفي كل موضع إلي الأرض علي زوايا قائمة علي السطح الموزون المخرج من موضع السقوط علي مماسة. فبين إذ هذا علي ما ذكرنا /T44/ أنها كانت تنتهي بحركتها إلي المركز لو لا أن بسيط الأرض يستقبلها ويمنعها، لأن الخط المستقيم الذي يمر علي المركز من موضع مماسة السطح للكرة هو أيضا علي زوايا قائمة علي السطح.
Sayfa 4