Journal of Legal Rulings
مجلة الأحكام الشرعية
Soruşturmacı
عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان
Yayıncı
الناشر تهامة
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1401 AH
Yayın Yeri
جدة
((أثر هذا (الاستقرار السياسي) في ثروة البلاد الاقتصادية، فنعم المكيون بهناءة العيش، وعادوا إلى الإسراف في نعيمهم إلى الشأن الذي كان عليه الأمر في عهد الأمويين، فبنوا قصور النزهة في ضواحي مكّة من عدة جهات، وأكثرها في وادي فخ عند مرقد الشهداء، وكانوا يخترعون المناسبات والأعياد ليخرجوا في مواكبهم إلى الجعرانة أو وادي ميمونة، أو وديان فاطمة، أو وادي الشهداء في زينة بادية، وأنواع الأطعمة الشهية فيقيمون حفلاتهم المؤنسة، يطربهم المغنون وأصحاب الوتر والمنشدون ...))(١)
ولعل ما أشار إليه من مظاهر الترف ورخاء العيش كان بين فئة محدودة وطبقة معينة، أما مشاركة العامة في هذه المناسبات فهي سبب لتحصيل الرزق واكتساب العيش، بل إن العلماء أنفسهم كانوا يعانون من ضيق العيش الشيء الكثير.
والمجتمع المكي كأي مجتمع آخر فيه الموظف والتاجر والصانع، ولم يكن المجتمع ينظر إلى الوظائف نظرة عالية بل كان يهتم بالحرف والتجارة أكثر من غيرها، وشأن الأسر أن تورث أبناءها الحرف التي تجيدها «فالولد يلازم أباه ليقتدي به في حركاته وسكناته فابن المعلم (البناء) إذا ما بلغ العاشرة أخذه معه يحمل الطين في (المركز) ويناوله (النقل) و(الحشو) حتى إذا ما وصل إلى الخامسة عشرة صار (قرارياً) يصلح (الحداد بالقزمة)، وابن الخباز الصغير يقدم الطوايل، وألواح العيش، والكبير (يطب الحفرة ليخبز) أو يوزن ويعجن، وهكذا في كل صنعة وحرفة، حتى العالم (عالم الدين واللغة) يشتري المحفظة لابنه، ويأخذه معه إلى حلقة الدروس، والفقيه يأخذه إلى الكتاب ليجعله عريفاً»(٢)
وكان النساء خير عون لعوائلهن فالفتاة تفتح عينها على التمرس بأعمال الخياطة والنسج وربما كان هذا مصدر القوت والحياة لبعض العوائل.
هذه جوانب عامة للحياة التي كان يعيشها أهل مكة إلى عهد قريب، وقبل أن يتفجر البترول ينابيع فمنّ الله على سكان الجزيرة العربية بالرخاء في العهد السعودي الزاهر.
(١) أحمد السباعي، تاريخ مكة، ج٢، ص١٩٦.
(٢) عبد الرحمن بن أبي بكر الصباغ، تربية النشء في المنزل والمدرسة والمجتمع (القاهرة: دار ممفيس للطباعة، ١٣٨١ هـ - ١٩٦١م) ج ٢، ص ١٢١.
56