131

Majalis Ramadan - Ibn Uthaymeen

مجالس رمضان - ابن عثيمين

Yayıncı

دار الثريا للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م

Yayın Yeri

الرياض - المملكة العربية السعودية

Türler

قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ﴾ فهو سبحانه قَويٌّ لا يضْعُفُ وعزيزٌ لا يُذَلُّ وكلُّ قوةٍ وعزةٍ تُضَادُّهُ ستكونُ ذُلًا وضعفًا وفي قولِه: ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ تثبيتٌ للمؤمِنِ عندما يسْتَبعِدُ النصر في نَظَره لِبُعد أسبابِه عندَه فإنَّ عواقبَ الأمورِ لله وحْدَهُ يغَيِّر سبحانَه ما شاءَ حَسْبَ ما تَقْتَضِيه حكمَتُه. وفي هاتين الايتين بيانُ الأوْصافِ التي يُستحقُّ بها النصرُ وهي أوصافٌ يَتَحَلَّى بها المؤمنُ بعدَ التمكين في الأرضِ، فلا يُغْرِيه هذا التمكينُ بالأشَرِ والْبَطرِ والعلوِّ والفسادِ، وإنما يَزيدُه قوةً في دين الله وتَمسُّكًا به.
الوصفُ الأول: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ﴾ [الحج: ٤١] والتمكينُ في الأرض لا يكونُ إلاّ بعْدَ تحقيق عبادةِ الله وحْدَه كما قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا﴾ [النور: ٥٥]. فإذا قام العبدُ بعبادَةِ الله مخلصًا له في أقْوَالِه وأفعالِه وإرادَتِه لا يريدُ بها إلا وجه الله والدار الاخرة ولا يريد بها جاهًا ولا ثناءً من الناسِ ولا مالًا ولا شيئًا من الدُّنيا، واستمَرَّ على هذِه العبادة المخْلصة في السَّراء والضَراءِ والشِّدةِ والرَّخاءِ، مكَّنَ الله له في الأرض. إذَنْ فالتمكينُ في الأرضَ يستلزمُ وصفًا سابقًا عليه وهو عبادةُ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له.
وبعد التمكين والإِخلاص يَكُونُ:

1 / 147