============================================================
15 المطلب الثاني/ التأويل عند علماء السلف والخلف واختلف هؤلاء فيما ورد من ظواهر الآيات والأحاديث الصحيحة مما يوهم ذلك، فذهب بعض السلف(1) كالشعبي وابن المسيب وسفيان(2) إلى الوقف عنها(3)، وقالوا: يجب الإيمان بها كما وردت ولا نتعدى إلى تفسيرها، وضعف هذا القول بما مر من الاخماع على عدم إرادة حقيقتها في غرف اللسان، فقد تكلموا فيها بصرفها عن ظواهرها، فالشكوت عنها موهم للعوام وتنبية للجهلة"(4).
وبهذا ينتهي كلامنا عن المحكم والمتشابه في القرآن العظيم، لنبدأ بتحقيق نص كتاب "امجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية".
(1) قوله: "بعض السلف" هو الوصف الدقيق في مسألة تأويل الآيات المتشابهة، لأن البعض الآخر من السلف الصالح قد أول الآيات والأحاديث التي يستشهد بها المجسمة على تجسيمهم لله تعالى عن قولهم علوا كبيرا، وما يعممه بعض الأغمار الذين لا يميزون بين القاع والدار ولا بين النافع والضار من أن السلف مسلكهم التفويض دون التأويل والتأويل مسلك الخلف فقط فليس صحيحا البتة بدليل ما مر معنا في المطلب الثاني (ص/127 - 140) من نماذج كشيرة من تأويلاتهم للآيات المتشابهة، فانظره فإنه مهم جذا في رد هذه الشبهة التي تفشت بين أدعياء العلم من المنزهة المقلدين قبل أن تتفشى في أوساط المجسمة الواهمين.
(2) يشبة مذهب التفويض إلى سفيان الثوري ليس صحيحا البتة، فقد ثبت عنه أنه أول قول الله: وهو معكراين ماللثم}، قال: "علمه1. رواه عبد الله بن أحمد في "الينة" (ص/306) (رقم /597) وغيره.
(3) وهو مسلك التفويض الذي ضحفه العلامة الفقيه ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى.
(4) الهيتمي، الفتاوى الحديثية (ص/80).
Sayfa 153