============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم وثانيها: قال أبو مسلم: كانت العرب مقرين بوجود الإله، لكنهم كانوا يعتقدون أنه في السماء على وفق قول المشبهة، فكأنه تعالى قال لهم: (أتأمنون من قد أقررتم بأنه في الشماء، واعترفتم له بالقدرة على مايشاء أن يخسف بكم الأرض).
وثالثها: تقدير الآية: ({من فى السماء} سلطانه وملكه وقدرته)، والغرض من ذكر السماء تفخيم سلطان الله وتعظيم قدرته، كما قال: وهو الله فى السكوات وفى الأرزض} [الأنعام /3]، فإن الشيء الواحد لا يكون دفعة واحدة في مكانين، فوجب أن يكون المراد من كونه في السموات وفي الأرض نفاذ أمره وقدرته وجريان مشيئته في السموات وفي الأرض، فكذا هاهنا.
ورابعها: لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله: ( من فى السماء} الملك الموكل بالعذاب وهو جبريل، والمعنى أن يخسف بهم الأرض بأمر الله وإذنه"(1).
تأويل قول الله تعالى: الرحمن على المرش استوى} [طه/25: اشتغل علماء الخلف من المنؤهة بتأويل الاستواء الوارد في هذه الآية بالقهر والغلبة والاستيلاء، وقالوا: إن تأويل الاستواء بالاستيلاء لا يقتضي المغالبة كما تشغب المجسمة، لأن المراد به القهر المؤصوف به الله تعالى كما في قوله جل جلاله: وهو القاهر فوق عبادهء} [الأنعام /18].
وفي ذلك قال الإمام أبو نصر القشيري (ت/514ها: "اولو أشعر ما قلنا توهم غلبته، لأشعر قوله: وهوالقاهرفوق عبادهء}، بذلك أيضا حتى يقال: كان مقهورا قبل خلق العباد، هيهات إذلم يكن للعباد وجود قبل خلقه إياهم، بل لو كان الأمر على ما توقمه الجهلة من أنه استواء بالذات، لأشعر ذلك بالتغيير واعوجاج سابق على وقت الاستواء، فإن الباري تعالى كان موجودا قبل العرش، ومن أنصف علم أن قول من يقول: (1) الفخر الرازي، التفسير الكبير (30/ 592).
Sayfa 142