Müminlere Lütfu Üzerine Majalis
مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
Türler
وظهور معاني ذلك إنما هو بالاعتبار الذي أشرنا إليه. واشتقاقه من: عبرت النهر، إذا سلكت من أحد شطيه إلى الآخر، فاعتبرت عمقه وما في قراره من سهوله أو غيرها بعبورك فيه.
وقيل: اشتقاقه من: عبرت الدراهم، إذا عرفت وزن كل درهم منها، وهل هو جيد أو غير جيد.
وقيل: من اعتبرت الكتاب، إذا قرأته في نفسك متدبرا ما فيه لتفهم معناه، كما أشار إليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله: إذا سمعت قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنه خير يأمرك به أو شر ينهاك عنه .
ومعنى الاعتبار يظهر من مثال، وهو أن تسمع كلام من لم تره يقول لآخر غائب عن نظرك أيضا: قم، فإذا اعتبرت كلمة ((قم)) علمت أن المأمور بالقيام لم يكن قائما، بل كان على حالة تخالف القيام، ثم تعتبر أن عاقلا آمرا لا يقول لمأمور عاقل ((قم)) إلا وثم للقيام معنى، إما من جلب منفعة أو دفع مضرة، أو حال توافق عقل الآمر والمأمور.
فإذا تقرر هذا اعتبرنا الكلام من حيث هو فوجدناه يشرف من وجوه، منها: شرف قائله، وشرف المقول له، وشرف المقول فيه.
ومنها: بلوغ الكلام نهاية الحسن وغاية البلاغة في أعلى مراتبها لفظا ومعنى.
وإذا اعتبرنا كلام الله القرآن: وجدناه كذلك، فلا أجل ولا أعظم، ولا أمجد ولا أجود، ولا أكرم من قائله تعالى، وهو الله رب العالمين وخالق الأنام.
والمقول له: هو نبينا محمد خير الخلق وحبيب الحق عليه أفضل الصلاة والسلام.
Sayfa 322