Platon'un Sofrası: Aşk Üzerine Konuşmalar
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Türler
ثم ترك سقراط السؤال على طريقته المنطقية، وقال:
سقراط:
كما قلت يا أجاثون، ينبغي لنا أولا أن نتكلم عن طبيعة الحب، ثم عن أعماله. قالت لي ديوتيما النبية: إن الحب ليس جميلا، وليس خيرا ، إنما هو بين الاثنين، إنه شيطان، والشيطان وسط بين الرباني والإنساني. فسألتها عن قوته وطبيعته فقالت: إنه يفسر الأشياء الربانية، والأشياء الإنسانية، ويصل بينها، وينقل الصلوات والتضحيات من البشر للأرباب، ويوصل أوامر الصلاة والعبادة من الآلهة إلى البشر، وهو يملأ الفراغ بين هذين النوعين فيربط بقوته سائر الكون، وبفضله بقي التخمين والوحي والعلم المقدس والتكفير والتنبؤ والسحر. والطبيعة الربانية لا يمكن أن تتصل مباشرة بالطبيعة البشرية؛ فكل ما يعطيه الأرباب للناس بفضل الاختلاط والمواصلة في نومهم وفي صحوهم هو نتيجة تداخل الحب، والعارف بعلم الاتصال يعد سعيدا للغاية، وله نصيب وحصة من طبيعة الشيطان، ولكن من يعرف فنا أو علما آخر يبقى طول حياته أسيرا عاديا، وهؤلاء الشياطين كثيرون ومتعددون، والحب أحدهم.
فسألتها: من ولد الحب؟ فقالت ديوتيما: إن هذا تاريخ طويل، ومع ذلك فسأشرحه لك، عندما ولدت فينوس أقام الأرباب عيدا، وبين من حضروه «الوفور» ابن متيس؛ فبعد العشاء رأت «الحاجة» تلك الغزارة العميمة، فجاءت تسأل ووقفت بجانب الباب، وكان «الوفور» قد سكر من شرب الرحيق؛ لأن النبيذ لم يكن قد اخترع بعد، فخرج إلى حديقة المشتري، ونام نوما عميقا، فأرادت الحاجة أن ترزق من الوفور بغلام لضعف حالها، فرقدت بجانبه، وأغرته فضاجعها فولدت الحب ...
فالحب هو خادم فينوس؛ لأنه حمل فيه في عيد مولدها؛ ولأنه بطبيعته محب لكل جميل، وكانت الزهرة جميلة، ولما كان الحب هو ثمرة وصال الوفور والحاجة، فحظه مثل حظ والديه؛ فهو فقير على الدوام، وبعيد عن الرقة والجمال على عكس ما يتخيله البشر، بل هو قذر، وممزق الثياب، ويطير على مقربة من، الأرض ولا مأوى له، ولا حذاء ينتعله، وينام بلا غطاء أمام الأبواب وفي الطرق التي لا يحميها ستار، وهو في تلك الأمور كلها تابع لطبيعة أمه، وهو على الدوام رفيق الفقر، أما نصيبه من طبيعة أبيه، فظاهر في أنه على الدوام يفكر في الحصول على الأشياء الجميلة الصالحة، لا يخاف، وهو شديد وقوي، وفي الصيد ماهر، وعلى الدوام يدبر حيلة جديدة، وهو في غاية الحذر والاحتراس، وغني بالأفكار والوسائل، وهو طول حياته حكيم وساحر وسفسطائي، وحيث إن طبيعته ليست خالدة، وليست فانية فهو في اليوم الذي يفوز فيه، ويساعده الحظ يزهر ويزهو، ثم يموت، ثم يعود إلى الوجود كما هي طبيعة أبيه، وكل ما يكسبه يفيض عنه؛ فالحب ليس غنيا ولا فقيرا، وهو في برزخ بين العلم والجهل. إن الأرباب لا تتفلسف لأنها حكيمة، والحكيم لا يتفلسف لأنه مكتف بحكمته، كذلك الجاهل لا يتفلسف لأنه لا يتطلب الحكمة لحسن ظنه بنفسه، إنما أوساط الناس هم المتفلسفون، كذلك الحب يتفلسف لأنه بين العلم والجهل؛ ولأن الحكمة من أجمل الأشياء. والحب يظمأ لكل جميل؛ لذا هو محب للحكمة؛ ولأن الحكمة في موضع وسط بين الجهل والعلم، وسبب ذلك ظاهر في نسبه؛ فهو ابن والد غني عاقل، وأم فقيرة جاهلة.
قالت ديوتيما: هذه هي طبيعة الحب الشيطانية يا سقراط، وقد خلطت الحب بالمحبوب الذي هو وحده الجميل الرقيق اللطيف، وأطلقت صفات المحبوب على الحب. قلت لها: أيتها النبية الغريبة، إن في كلامك روح الإقناع، فإذا كانت هذه هي طبيعة الحب، فماذا يستفيد منه البشر؟ فقالت: إن الحب هو حب الأشياء الجميلة، فإذا سألنا أحد: لماذا كان الحب هو حب الأشياء الجميلة؟ (وبعبارة أخرى ماذا يحب العاشق في الشيء الجميل الذي يعشقه، فما الجواب؟) فقلت لها: إنه يحب امتلاكه. فقالت: وماذا يملك الذي يمتلك الشيء الجميل؟ فقلت لها: لا يمكنني أن أجيب لساعتي. فقالت: ولو بدلت الجميل بالخير، فماذا يحب العاشق في الشيء المحبوب ذلك الذي يحب الخير؟ فقلت: يحب امتلاكه. فقالت: وماذا يملك إذا امتلك الشيء الخير؟ فقلت لها: إن الجواب سهل، وهو أنه يمتلك الشيء الصالح، فيكون سعيدا. فقالت: إذا الناس تسعد بالامتلاك، ومن العبث أن أسألك عما يطلب ذاك الذي يطلب السعادة؛ لأن الجواب في السؤال، ولكن هل تظن أن هذه الرغبة عامة لدى كل الناس، وأن كلهم يطلبون أن يكون الشيء الخير ملكا لهم، وحاضرا لديهم دواما؟ فقلت لها: نعم، إن هذه الرغبة عامة. قالت: إذا لماذا لا نقول يا سقراط إن كل الناس يحبون إذا كان الجميع يحبون شيئا واحدا، ولكننا نقول إن البعض يحبون، والبعض لا يحبون؟ فقلت لها: نعم، إنني أعجب لهذا ولا أحير جوابا!
فقالت ديوتيما: لا تعجب؛ لأننا اخترنا نوعا واحدا من الحب، وأطلقنا عليه الاسم العام الشامل لكافة الأنواع. فقلت لها: اضربي لي مثل تعميم اسم شيء خاص. قالت الشعر، إنه اسم عام يدل على كل سبب يخرج بواسطته شيء من لا شيء؛ فممارسة أية صنعة اختراعية يعد نوعا من الشعر، وكل أرباب هذه الصنائع والفنون هم شعراء، ولكن لا يطلق عليهم اسم شعراء، إنما يعرف كل واحد منهم باسم خاص به، وقد فصل عن هذه الأنواع النوع المتعلق بالموسيقى والوزن، وأطلق عليه الاسم العام للجميع، ولا يطلق اسم الشعر على غيره، ولا يسمى شعراء إلا من يمارسونه. كذلك الأمر في الحب؛ فإن الحب معناه العام هو الرغبة الصادقة في امتلاك السعادة، وامتلاك ما كانت صفته الخير، وهذا هو أعظم وأرقى حب يسكن قلب الأحياء. أما الذين يلتمسون هذه الغاية بواسطة اكتساب الغنى أو بممارسة فن الجمنسطيقي
2
أو الفلسفة؛ فإن كلا منهم لا يعشقون ولا يسمون عشاقا، إنما هناك نوع واحد من العشق يطلق عليه هذا الاسم، ومن يمارسون هذا النوع يسمون عشاقا، وهم الذين يلتمسون الوصول إلى الرغبة العامة بواسطة نوع واحد من الحب، وهو النوع الذي يعرف بالاسم الذي يطلق على الأنواع كلها، فيؤكد البعض أن العاشقين إنما يلتمسون النصف المفقود، إنما أنا أؤكد أن الحب ليس حب النصف أو الكل إذا لم يلتق الحب بالخير، وحيث إن الناس يقطعون أيديهم وأرجلهم برغبتهم إذا كانوا يظنون أنها مجلبة الشر عليهم، كذلك البشر لا يعززون ذاك الذي في حوزتهم لمجرد كونه في حوزتهم إلا إذا أراد البعض أن يقول إن الشيء الخير ملتصق بطبيعته، وهو ملك له، وإن الشيء السيئ الرديء هو غريب عنه، وطارئ عليه، وإنه لا يحب إلا الشيء الخير، فإذا تقرر ذلك فهل نستطيع أن نؤكد أن الناس لا يحبون إلا الخير؟ قلت: بلا ريب. قالت: ويحبون أن يكون هذا الشيء ملكا لهم، وأن يكون دواما حاضرا لديهم؟ قلت: نعم. قالت ديوتيما: إذا كان هذا هو التعريف العام للحب، فهل يمكنك أن تقول لي ما هي أفعال الحب؟ وما هي الطرق التي يصل بها للحصول على غرضه؟ فقلت لها: لو علمت الإجابة على هذا السؤال يا ديوتيما ما احتجت إليك، ولا عجبت لحكمتك، ولا طلبت سؤالك للاستفادة. فقالت: إن الحب هو رغبة التناسل والتسلسل في الشيء الجميل فيما يتعلق بالنفس والجسم معا؛ فإن كلا من النفس والجسم للإنسان يحمل في ثناياه بذور التناسل، فإذا بلغ الإنسان سنا معلومة تدفعه الطبيعة لوضع هذه البذور، والطبيعة لا يمكنها تلقيح المشوه، ولكنها تستطيع التلقيح في الجميل؛ فعلاقة الذكر بالأنثى في التناسل عمل مقدس إلهي مع أن الحمل والوضع عملان خالدان في الفناء؛ فالجمال هو القضاء الذي يقضي بالتناسل. لأجل هذا كان الشيء المملوء بمادة التلقيح إذا دنا من الشيء الجميل يطير فرحا، ويفيض لذة، ثم يأخذ في التلقيح والتناسل، ولكنه إذا دنا من الشيء المشوه انقبض من الحزن، ثم يقبض مادة اللقاح عن الشيء القبيح، ولا ينتج، أما الشخص المملوء بمادة اللقاح، ويكاد يفيض من شدة الرغبة فيكون اندفاعه نحو الجميل قويا جدا بسبب الألم الذي يحصل له من الامتناع عن إخراج مادة اللقاح التي يحملها.
فالحب يا سقراط ليس إذا هو حب الجميل. قلت لها: إذا ما هو؟ قالت: هو حب التناسل والإنتاج في الجميل. قلت لها: لماذا التناسل؟ قالت: لأنه شيء خالد في الفناء. لا ينتج بالضرورة عما قلنا أننا لا نطلب الخير فقط، إنما نطلب بقاءه ملكا لنا إلى الأبد؛ فالحب هو إذا رغبة الأبدية. ثم قالت لي ديوتيما: ماذا تظن يا سقراط سبب هذا الحب، وهذه الرغبة؟ ألا ترى كيف أن أنواع حيوانات الأرض والهواء إذا أصابتها رغبة التناسل تصاب بشبه داء يدفعها أولا إلى الاختلاط الجنسي، فإذا اختلطت استمرت في جهاد عنيف للحصول على غذاء لذاتها ولنسلها؛ فيحارب ضعيفها قويها، بل تفضل الفناء على ترك نسلها فريسة للجوع؛ فإذا قلنا إن البشر يفعلون هذا بعامل العقل، فهل تعرف بأي دافع يفعل الحيوان هذا إذا أصابه الحب؟ قلت: لا. قالت: إن الطبيعة الفانية تلتمس الخلود بكل الوسائل، ولا يمكن إتمام هذا إلا بالتناسل الذي يوجد فردا جديدا مكان القديم؛ لأن الإنسان وإن كان يظن أنه هو ذاته لا يتغير إلا أنه يتغير عدة مرات في حياته بالتغير الذي يصيب الشعر واللحم والجسم كله، وليس هذا التبديل قاصرا على جسم الإنسان، بل هو أيضا يمس الروح؛ فإن خلاله وآراءه ورغباته وأحزانه ومخاوفه كلها تتبدل، وبعضها يموت ولا يبقى له أثر، ويتلوها غيرها، والأغرب من هذا أن معرفة الإنسان ذاتها تتجدد، كذلك كل شيء من أفكارنا تحدث له الثورة ذاتها، وإن ما يسمى بالتأمل أو تمرين الذاكرة إنما هو علم فرار الذاكرة أو رحيلها؛ لأن النسيان هو خروج المعرفة، والتأمل يدعو إلى الذهن ذاكرة جديدة غير التي ذهبت، فيحتفظ بالمعرفة ويستبقيها؛ فالمعرفة مهما تغير مكانها وتحولت فهي هي على الدوام، وبهذه الطريقة يحتفظ بكل شيء، وليس معنى هذا أنه ثابت وخالد مثل الشيء الرباني، إنما هو يترك في مكان الشيء القديم الفاني شيئا جديدا يشبهه، وبهذه الوسيلة يا سقراط يكون للجسم والأشياء الأخرى نصيب في الخلود، أما الشيء الخالد فخالد بمعنى آخر، فلا تندهش إذا رأيت كل شيء بطبيعته يعتز بما ينتج عنه؛ لأن هذا الحب الصادق هو تعلق بأذيال الأبدية. فقلت لها: يا أيتها الحكيمة، هل هذا الذي قلت صدق؟ قالت: كأنها فيلسوف مغالط، إذا نظرت إلى حب المجد، وتفاني الرجال في سبيل العلا أدركت كل ما قلت لك، وعلمت السر في حب الخلود، وبقاء الذكر. إن من كانت أبدانهم وحدها محملة بعنصر الخلود يجذبون نحو النساء، ويبحثون بواسطة إنتاج الأولاد عما يتخيلون فيه السعادة والبقاء والذكر الخالد، ولكن الذين تحمل نفوسهم أكثر من أجسامهم تراهم يلدون ويضعون ما هو أكثر ملاءمة للنفس. وما هو الملائم للنفس؟ هو الذكاء وكل قوة أخرى من قوى العقل. وكل لذة يوجدها الشعراء والمتفننون المتعلقون بفنون الاختراع والخلق.
Bilinmeyen sayfa