والمقداد فجاءوا بالكتاب من الضعينة١، قال عمر: "يا رسول الله دعني أضرب عُنقَ هذا المنافق"، فقال رسول الله ﷺ: "إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعلّ الله أن يكون قد اطّلع على أهل بدر، فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، فدمعت عينا عمر، وقال: "الله ورسوله أعلم"٢.
وفي الصحيح عن ابن عمر: أن عمر انطلق في رهط من أصحاب النبي ﷺ مع النبي ﷺ قِبلَ ابن صياد٣ حتى وجده يلعب مع الغلمان عند أُطُم٤ بني مَغَالَة٥، وقد قارب ابن صياد يومئذ يحتلم، فلم يشعر بشيء حتى ضرب النبي ظهره بيده، ثم قال النبي ﷺ: "أتشهد أنّي رسول الله؟ "، فنظر ابن صياد فقال: "أشهد أنك رسول الأميين"، قال ابن صياد للنبي ﷺ: "أتشهد أني رسول الله؟ "، قال له النبي ﷺ: "آمنت بالله ورسله"، فقال النبي ﷺ: "ماذا ترى؟ "، قال ابن صياد: "يأتيني صادق وكاذب"، قال النبي ﷺ: "خلط عليك الأمر"، قال النبي ﷺ: "قد خبأتُ لك خِبئًا"، / [٢٢/ب]، قال ابن صياد: "هو الدُّخُّ"٦. قال النبي
١ الضعينة: المرأة ما دامت في الهودج. (القاموس ص ١٥٦٦) .
٢ البخاري: الصحيح، كتاب المغازي ٤/١٤٦٣، رقم: ٣٧٦٢، مسلم: الصّحيح، كتاب فضائل الصحابة ٤/١٩٤١، رقم: ٢٤٩٤.
٣ عبد الله بن صائد، وهو الذي يقال له: ابن صياد. كان أبوه من اليهود ولا يدرى من أي قبيلة هو، وهو الذي يقال: إنه الدجال. (الإصابة ٥/١٣٦) .
٤ الأطم: حصن مبنيّ بحجارة. (لسان العرب ١٢/١٩) .
٥ بطن من الأنصار، وهم بنو عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، نسبوا لأمهم مغالة بنت فُهيرة بن بياضة. (جمهرة أنساب العرب ص ٣٤٧، فتح الباري ٣/٢٢٠) .
٦ خبأ له النبي ﷺ رسوة الدخان، فلم يهتد ابن صياد منها إلا لهذا القدر الناقص على طريقة الكهنة. (انظر: فتح الباري ٦/١٧٣) .