وخرج وخرج الناس معه، وفيمن خرج أبو أيوب الأنصاري، فلما قرب من قسطنطينية اشتكى أبو أيوب فأتاه يزيد عائدًا، فقال له: ما حاجتك؟ قال: أما دنياكم فلا حاجة لي فيها ولكن سمعت رسول الله، ﷺ، يقول: يدفن بجنب قسطنطينية رجل صالح وقد رجوت أن أكونه فقدمني ما قدرت عليه، فمات فلما فرغ من جهازه ووضع على سريره قدّم الكتائب بين يديه، فنظر قيصر ورأى أمرًا عجيبًا وشيئًا يحمل والناس بالسلاح تحته، فأرسل إليه: ما هذا الذي نرى؟ قال يزيد: هذا صاحب نبينا، ﷺ، أوصى أن ندفنه إلى جنب مدينتكم ونحن ننفذ وصيته أو نموت دونه، فأرسل إليه: العجب من الناس! وما يذكرونه من دهاء أبيك وهو يبعثك في هذا البعث تدفن صاحب نبيك بجنب مدينتي فإذا ولّيت عنه نبشته فطرحته للكلاب، فأرسل إليه يزيد: إني ما أردت أن أُجنّه حتى أودع مسامعك كلامي، وكفرت بالذي أكرمتُ له هذا الميت، لئن تعرضت له لا تركت في أرض العرب نصرانيًا إلا سفكت دمه واستصفيت ماله وسبيت حرمه، فأرسل إليه قيصر: كان أبوك أعرف لك مني وإني أحلف بحق المسيح، ﵇، لا يحرسه سنة أحد غيري.
1 / 64