كلية الحقوق لا يستطيع فهم تلك الأحكام الفقهية وهضمها ما دام يواجه فيها منذ البداية فروع المسائل التي يتوقف فهمها على قواعد وعلل ونظريات ومبادىء ولغة واصطلاحات فقهية يجهلها الطالب جميعا، فيضطر أن يحفظ تلك المسائل الفرعية وأحكامها حفظا، دون أسس تمسك بهذه الفروع في فكره، ورابطة موضوعية تجمع بعضها إلى بعض.
فالكتب الفقهية لدينا وشروح المجلة كلها في الحقيقة إنما تصلح أن تكون مذونات للمحاكم، كجميع شروح القوانين، ليرجع إليها الحكام عند حاجاتهم إلى معرفة ما حول كل مادة وحكم من إيضاح وتفصيل، ولا تصلح أن تكون كتبأ تعليمية في مجلة الأحكام العدلية الشرعية ومبادئها الفقهية لطلاب الحقوق في الجامعات.
ونحن بحاجة شديدة، إلى كتب جديدة توضع على طريقة البحث الموضوعي في أحكام المجلة ومبادئها الفقهية، لتصبح بالتبسيط والتركيز والتنسيق قريبة المتناول، سهلة المأخذ على أفهام الطلاب وحفظهم، حتى يتحقق في تأليف هذا العلم الدقيق الهام تمييز حسن بين الحاجة التعليمية في الجامعات، والحاجة التطبيقية في المحاكم، ويعرض الفقه الإسلامي في وب قشيب وأسلوب جديد يساير ذوق العصر ولغته، ولتمكن عندئذ مقارنة م باحثه بنظائرها من المباحث والنظريات القانونية، فيظهر بذلك ما في فقهنا الجليل من مكنونات ثمينة في ميزان التشريع وإني منذ أن عهد إلي بتدريس الحقوق المدنية التي كان أساسها مجلة الأحكام العدلية في كلية الحقوق السورية سنة (1363 ه -1944 م) وجهت همي وعقذت عزمي على أن أنهج في عرض فقه المجلة تدريسا وتأليفا هذا المنهج الضروري اليوم، وأن أتقرب من جادته ما استطعت .
فشرعت في وضع هذا الكتاب المتسلسل عن الالتزامات والعقود في الفقه الإسلامي لأفتح به جادة جديدة لتدريس الحقوق المدنية في البلاد السورية، جامعا فيه الأحكام المدنية العامة المعمول بها لدينا مما تضمنته مجلة الأحكام الشرعية وما يتصل بها من المباحث والمسائل الفقهية
Sayfa 27