Madina Fadila
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
Türler
إن الغاية من كل اجتماع سياسي، هي صون حقوق الإنسان الطبيعية غير القابلة للتقادم.
وإذا ما تركت هذين النصين إلى المصنفات في علم ناشئ إذ ذاك، هو علم الاقتصاد، فإنك لواجد الاقتصاديين أيضا يطالبون بإزالة القيود المصطنعة التي قيدت حركة التجارة والصناعة؛ وذلك لكي يصبح الإنسان حرا في أن يتجه حسبما يوجهه قانون طبيعي آخر، هو قانون المصلحة الذاتية، وإذا ما تحولت من الاقتصاديين إلى ذلك الحشد المؤلف من كتب ورسائل، وضعها أناس من أهل العصر في الدين والأخلاق، ثم صارت نسيا منسيا، فإنك لواجد فيها حججا لا تنتهي إلى شيء وآراء تتضارب، ونتائج تتغاير، ولا تقبل فيما هو ظاهر أن يوفق فيما بينها، تجد هذا فيها جميعا، ولكنك تجد أيضا اتفاقا بين هؤلاء المتجادلين المختلفين المتشيعين لشيع متعددة، على شيء واحد هو تحكيم الطبيعة، لتفصل بينهم فيما هم فيه مختلفون، وها هو ذا الأسقف النصراني بطلر يقرر في وثوق «أن التمثيل بالطبيعة يؤيد تماما أن لا شيء غير قابل للتصديق في العقيدة الدينية العامة (النصرانية) الخاصة بإثابة الله الناس، وعقابهم في الدار الآخرة على أعمالهم في الحياة الدنيا.»
29
وها هو ذا الإلهي فولتير يرفض النصرانية، ولكنه يؤكد في جزم مماثل لجزم النصارى «أن القانون الطبيعي وهو ما تلقاه الناس عن الطبيعة هو دعامة الإيمان بالأديان.»
30
وها هو ذا الملحد هولباك يرفض الإيمان الديني بجميع أنواعه، ولكنه يعتقد «أن الأخلاق الملائمة للإنسان يجب أن تستمد من طبيعته.»
31
وهكذا يشترك النصراني والإلهي والملحد في الاعتراف بسلطان كتاب الطبيعة، وإن كانوا قد اختلفوا فيما بينهم في هذا الشأن، فإن اختلافهم كان على مدى حجية هذا السلطان، أهو مضاف ومؤيد بسلطان التنزيل؟ أم هو ناسخ له؟ ففي كلتا الحالتين للطبيعة شأن، وفي كلتا الحالتين هي المحك والمقياس، وهكذا هيأ الجو الفكري في القرن الثامن عشر لقادته الاعتقاد بأن ما من فكرة أو عادة أو سنة من سنن الإنسان ببالغة الكمال، إلا إن اتفقت اتفاقا تاما على تلك القوانين التي «تطلع الطبيعة البشر كلهم عليها في جميع الآباد.»
32
ولم تكن فكرة الطبيعة أو القانون الطبيعي شيئا طرأ على القرن الثامن عشر، فأرسطاطاليس يقر الرق على اعتبار أنه يطابق الطبيعة،
Bilinmeyen sayfa