The Shafi'i School of Thought on Worship and its Evidences
مذهب الإمام الشافعي في العبادات وأدلتها
Yayıncı
دار السلام
Baskı
الثالثة
Yayın Yılı
1424 AH
Yayın Yeri
القاهرة
Türler
تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان، وهي المدرك العارف وهي المخاطب والمثاب والمعاقب، فقد روى الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة، وأبو نعيم من حديث عائشة رضي الله عنها بإسنادين ضعيفين: أنه عليه السلام قال: أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال أدبر فأدبر، ثم قال عز وجل: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرمَ عليّ منك، بك آخذ وبك أعطي، وبك أثيب وبك أعاقب. أهـ.
أقول: وإن كان الحديث ضعيفاً من جهة السند، فإن وروده بسندين وإن كانا ضعيفين يعطيه شيئاً من القوة، مع أنه قوي من جهة المتن، لما مرّ من أنه هو المخاطب، وهو مناط الثواب والعقاب، ألا يُرى أنه لو سلب من مخلوق أصبح غير مكلف كالصبي والمجنون. أ. هـ.
والخلاصة : فعلى ما قال المحققون من أن مقر العقل القلب الصنوبري الشكل - كما نطق الكتاب والسنة - وأن له إشعاعاً في الدماغ، وعلى ما قال الغزالي آنفاً: من أن الأربعة تطلق على شيء واحد، فأقول: فهو باعتباره مبعث العواطف والرغبات والتقلبات سمي: (قلباً) وهذا شيء محسوس، إذ يشعر الإنسان بعواطفه ورغباته منبعثة من مقر قلبه في صدره، ثم يتجه به التفكير في تنفيذها أو الإحجام عنها في دماغه، ألا يُرى أنه إذا أطال التفكير أحس بالملل في دماغه وارتفعت حرارة رأسه الذي هو مقر الدماغ، وبهذا الاعتبار أي باعتباره محل التفكير والإدراك سمي: (عقلاً) لأنه يعقل صاحبه عما لا يليق. واعتباره نزاعاً للعلوم والمعارف خصوصاً الأخروية منها، أو باعتبار أن به حياة الجسم سمي: (روحاً). وباعتباره مظهر القوى الغضبية والشهوانية سمي: (نفساً). أهـ.
ثم النفس عند الغزالي باعتبار أحوالها ثلاثة أنواع:
١-النفس المطمئنة، وهي التي سكنت تحت الأمر، ولم تضطرب بسبب القوتين: الغضبية والشهوانية، قال تعالى: ﴿ياأيتها النفسُ المطمئنةُ ارجعي إلى ربِّك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي﴾ آية ٢٧، ٢٨، ٢٩، من سورة الفجر.
٢-النفس اللّوامة، وهي التي لم يتم سكونها تحت الأمر بسبب تأثير القوتين،
41