وهموا بقتلي يا بثين لقوني
إذا ما رأوني طالعا من ثنية
يقولون: من هذا! وقد عرفوني
وبعد فإنه لم يبق ما أسكن إليه في هذا الوجود غير حديث الحب، وبلايا المحبين، وقد رأيت أن أساير شعراء العرب في أعذب ما جرى على ألسنتهم: وهو النسيب، وأن أبدأ ذلك بما انتهوا إليه، وهو الحديث عن الدموع، وما لها من سبب قريب أو بعيد، حتى إذا هدأت ثورة القلب بعد هذا الدمع المسفوح، عدت فصاحبت الشعراء، وذكرت كيف فتكت بهم النظرة الأولى، وبينت مهوى عيونهم، ومصرع قلوبهم، بين الخدود الفواتن، والعيون الفواتك، ولن أتحرج من ذكر ما كان من الوقائع بين الخصر النحيل، والردف الثقيل، وعلي وحدى إثم الفتنة التي ستقيمها هذه الأبحاث الشائقة في صدور الشباب والكهول، ولمن شاء السلامة من القراء أن يكف منذ الآن عن قراءة هذا الحديث.
نصحتك علما بالهوى، والذي أرى
مخالفتي، فاختر لنفسك ما يحلو
5
وهذا خطاب أقل ما يؤخذ عليه أنه لا يوجه إلى فتاة، فضلا عما فيه من المجازفة، في حمل إثم الآثمين، وفتك الفاتكين، ولقد آذتني آثامي، فكيف أحمل آصار الناس!
ولم يمر ذلك الخطاب بدون أن تضح له إحدى الجرائد الأسبوعية، وبدون أن ينالني أحد الكتاب بلسان حديد، فكتبت في الرد عليهم هذه الكلمة القاسية:
في مصر قوم لا يعرفون من الجد غير الغطرسة والكبرياء، والكاتب الجاد في نظرهم هو الرجل السليط، الذي يخيل إليه كما كتب: أنه قسيس في كنيسة حافلة، أو خطيب في مسجد جامع، فهو مسئول عن سرد الرذائل وعد المنكرات! فأما الكاتب المفتون بما أودع الله هذا العالم من روائع الحسن، وبدائع الجمال، فهو في رأيهم كاتب ماجن خليع!
Bilinmeyen sayfa