والأنصار، وهذان أسلما بعد ذلك بمدة، فآخى بينهما، وقد ولي أبو الدرداء قضاء دمشق، وكان من العلماء الحلماء الألباء١ يقال إن عبد الله بن عامر قرأ عليه.
وروى عنه أنس وأبو أمامة وزوجته أم الدرداء، وابنه بلال وعلقمة وخبير بن نقير، وسعيد بن المسيب، وما أحسبه لقيه، وأبو إدريس الخولاني وخالد بن معدان وغيرهم، توفي سنة اثنتين وثلاثين.
وما خلف بالشام كلها بعده مثله ﵁.
قال سويد بن عبد العزيز: كان أبو الدرداء إذا صلى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه فكان يجعلهم عشرة عشرة وعلى كل عشرة عريفا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك.
وكان ابن عامر عريفا على عشرة كذا قال سويد، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر.
وعن سام ابن مشكم قال: قال لي أبو الدرداء: اعدد من يقرأ عندي القرآن. فعددتهم ألفا وستمائة ونيفا٢، وكان لكل عشرة منهم مقرىء.
وكان أبو الدرداء يكون عليهم قائما وإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء ﵁، فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي ﷺ، وأخذ عنهم عرضا، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة.
وقد جمع القرآن غيرهم من الصحابة كمعاذ بن جبل وأبي زيد وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمر وعتبة بن عامر، ولكن لم تتصل بنا قراءتهم فلهذا اقتصرت على هؤلاء السبعة ﵃، واختصرت أخبارهم، فلو سقتها كلها لبلغت خمسين كراسا٣.
_________
١ الألباء: جمع لبيب وهو: ذو اللب. "انظر المعجم الوجيز ص٥٤٩".
٢ النيف: الزائد على غيره. والزائد على العقد من واحد إلى ثلاثة، وما كان من أربعة إلى تسعة فهو بضع. يقال: عشرة ونيف، وألف ونيف. ولا يقال: خمسة عشر ونيف، ولا نيف وعشرة. ولا يستعمل إلا بعد العقد. "انظر المعجم الوجيز ص٦٤٠".
٣ له ترجمة من: أسد الغابة ٦/ ٩٧، تذكرة الحفاظ ١/ ٢٤، خلاصة تذهيب الكمال ٢٥٤، للشذرات الذهب ١/ ٣٩، الطبقات للشيرازي ٤٧، طبقات ابن الجزري ١/ ٣٠٦، العبر ١/ ٣٣، النجوم الزاهرة ١/ ٨٩.
1 / 20