تغير دولة وظهور أخرى
ونسخ شرائع وقيام رسل
كان شيخهم يعالج جميع قضاياهم ويهذب نفوسهم وأجسادهم وأخلاقهم؛ فهو يعلمهم عمليا ونظريا، ومصدر نظرياته عقله الجبار، ومختبر عملياته جسده النحيل الذي قسا عليه إذ صيره حقل اختبار، فكان لمريديه وقاصدي فضله واعظا باللسان والمثل، يطبق علمه على عمله.
وأي حرج على الشيخ إن ترك قضايا معلقة؟ فكم ترك الفلاسفة قبله من قضايا وقفوا حيالها حيارى. وإن ناقض نفسه فليس هو بأعظم من أرسطو وأفلاطون، فكم من تناقض عندهما.
ولكن أبا العلاء لم يناقض نفسه قط؛ فما يعده بعضهم تناقضا ليس إلا تقية في عصر كانت فيه كلمة «علم الأوائل» تقضي على الرجل. وكم قضت على رجال جاءوا بعد المعري بقرن وقرنين.
إن ما يعدونه تناقضا ليس إلا سخرية، فاقرأ بتأمل وتجرد تتبين صحة زعمي.
يظن بعضهم أن أبا العلاء يبتعد عن الفاطمية حين يقول نافيا ظهور الإمام:
يرتجي الناس أن يقوم «إمام
ناطق» في الكتيبة الخرساء
كذب الظن لا إمام سوى العق
Bilinmeyen sayfa