والله اسم للذات من حيث هي عند الجمهور، وقال بعضهم: للذات والصفة معا، وهو لفظ عربي علم لموجد العالم، وليس بمشتق عند الأكثر. وقيل: مشتق من الوله؛ لأن القلوب تله إليه، أي: تحن إلى لقاء رحمته تعالى. وقيل: مأخوذ من الإله، والإله عند العرب: اسم لكل معبود، ولذلك كانت تسمي الأصنام آلهة.
(والرحمن الرحيم) قيل: هما اسمان لطيفان لله تعالى. وقيل: هما صفتان مشتقتان من رحم، بعد نقله إلى فعل بضم العين؛ لأن الصفة المشبهة لا تشتق إلا من فعل لازم، وهذا مطرد في باب المدح، مثل: رفيع الدرجات وبديع السموات، وعلى هذا فهل هما صفتا ذات، أو صفتا فعل؟ قولان، فيفسران على القول الأول بمريد الرحمة لعباده، ويفسران على القول الثاني بموصل النعم لعباده، وهما عندنا من الصفات ذوات الوجهين، فيكونان باعتبار تفسيرهما بالإرادة صفتي ذات، وباعتبار تفسيرهما بالفعل صفتي فعل.
واختلفوا: هل الرحمن أبلغ من الرحيم، أم هما بمعنى واحد؟ فقال قوم: إن الرحمن أبلغ من الرحيم؛ لأن فيه زيادة بناء، وزيادة البناء تدل على زيادة المعنى. وقيل: هما بمعنى واحد كندمان ونديم، وعالم وعليم؛ فعلى القول بأنهما بمعنى واحد الإشكال في تقديم أحدهما: على الآخر. وأما على القول بأن الرحمن أبلغ من الرحيم، ففي تقديم الأبلغ على غيره بحث؛ لأن من عادة العرب تأخير الأبلغ وتقديم غيره، ليكون ذلك ترقيا من الأدنى إلى الأعلى.
وأجيب عن هذا البحث: بأنه إنما قدم الرحمن على الرحيم لكونه من الأسماء المختصة به تعالى، كاسم الجلالة؛ فقدم الأخص على ثم الأخص، والله أعلم.
Sayfa 18