Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Türler
ويكون العقل حجة في الأمور المعقولة التي لا تتوقف على السماع، وذلك كمعرفة وجود الصانع المختار - سبحانه وتعالى - ، فإن هذه الأشياء المحدثة المشاهدة بالبصر واللمس والسمع وغيرها دالة على أن لها فاعلا موجدا أوجدها، ومحدثا أحدثها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها، ومحال أن يوجد بعضها بعضا، فوجب بالعقل أن ذلك الموجد هو غيرها، وأنه لا يشابهها في شيء من صفاتها وأحوالها؛ لأنه لو شابهها في شيء من ذلك لجاز عليه جميع ما يجوز عليها في ذلك، فمن هنا كانت معرفة صفات الله تعالى تدرك من العقل وهو حجة فيها؛ لأنها من الكمالات الثابتة له تعالى بدليل العقل، سواء كانت تلك الصفات مما يجب إثباته لله تعالى كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والحياة والقدم والبقاء، أو كانت من جانب السلب، أي: من جانب النفي والاستحالة كالجهل والعجز والإكراه والصمم والعمى والحدوث والفناء، فإن هذه الأشياء منفية عنه تعالى، كما أن العلم والقدرة والإرادة وما بعدها ثابتة له تعالى بطريق العقل، كذلك أضدادها منفية عنه بطريق العقل، والعقل في جميع ذلك حجة، فمتى ما خطر على البال شيء من هذه الصفات، وجب على المكلف إثبات ما كان في حقه تعالى ثابتا، ونفي ما كان في حقه تعالى مستحيلا.
Sayfa 126