"الذي". ألا ترى أن "الذي" على حال واحدة.
الا انّ ناسا من العرب يقولون: "هم اللذون يقولون كذا وكذا". جعلوا له في الجمع علامة للرفع، لان الجمع لا بد له من علامة، واو في الرفع، وياء في النصب والجرّ وهي ساكنة. فأذهبت الياء الساكنة التي كانت في "الذي" لانه لا يجتمع ساكنان، كذهاب ياء "الذي" اذا ادخلت الياء التي للنصب، ولانهما علامتان للاعراب. والياء في قول من قال "هم الذين" مثل حرف مفتوح او مكسور بني عليه الاسم وليس فيه اعراب. ولكن يدلك على انه المفتوح او المكسور في الرفع والنصب والجر الياء التي للنصب والجرّ لأنها علامة للاعراب.
وقد قال ناس من العرب "الشياطون" لانهم شبّهوا هذه الياء التي كانت في "شياطين" اذا كانت بعدها نون، وكانت في جميعٍ وقبلها كسرة، بياء الاعراب التي في الجمع. فلما صاروا الى الرفع ادخلوا الواو. وهذا يشبه "هذاجُحرُ ضبٍّ خَرِبٍ" [٧ب] فافهم.
﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
وأما قوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فانه يجرّ لانه من صفة "اللَّهِ" ﷿.
وقد قرأها قوم ﴿مالكَ﴾ نصب على الدعاء وذلك جائز، يجوز فيه النصب والجرّ، [وقرأها قوم ﴿مَلْك﴾] الا أن "المَلْك" اسم ليس بمشتق من فعل نحو قولك: "مَلْك ومُلوك" وأما "المالك" فهو الفاعل كما تقول: "مَلَك فهو مالِكٌ" مثل "قهر فهو قاهر".
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ فلأنه اذا قال "الحمدُ لِمالِكِ يومِ الدين" فانه ينبغي ان يقول "إيّاهُ نعبد" فانما هذا على الوحي. وذلك ان الله ﵎ خاطب النبي ﷺ فقال: "قل يا محمد": "الحمدُ لله" وقل: "الحمدُ لمالكِ يومِ الدين" وقل يا محمد: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ .
وأما قوله ﴿إيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ ولم يقل "أنت نعبد" [ف] لان هذا موضع نصب. واذا لم يقدر في موضع النصب على الكاف أو الهاء وما أشبه ذلك من الاضمار الذي يكون للنصب جعل "أِيّاك" أو "إيَّاهُ" أو نحو ذلك مما يكون في موضع نصب.
1 / 15