لئلا تحرج الأمة، ولا يقع مسكين في غياهب الظلمة.
وسميته: "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة".
كتابًا شافيًا، وكلامًا وافيًا، يحتوي على الكمال ويبعد عن مقاربة الإشكال، ورتبته على ترتيب المهذب للشيخ أبي إِسْحَاق الشيرازي تبركًا به. وجعلت أول كل مسألة ميمًا بالحمرة علامة لأولها، وانفصالًا عما يقدمها، ليسهل على الطالب.
وأهملت ذكر دلائل الترجيح. إذ عند كل من الأئمة أن نظره الصحيح، فلا حاجة إلى ذكر التفصيل والتصحيح. وإنَّما اعتمدت في الترتيب على الشيخ أبي إِسْحَاق المذكور، لأنه في الشَّافِعِيَّة من الصدور، وبدأت بذكر الشَّافِعِيّ في المسطور، وتوكلت على الله في كل الأمور وأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، والهداية إلى أرشد طريق التحقيق، إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك.
ثم اعلم أن السبب الذي أوجب الخلاف بين العلماء، وإن كان الكتاب واحدًا والنبي ﷺ واحدًا، إنما هو في الطريق المؤدية إلى الحق لا في الحق نفسه، والموجب لذلك في كل مسألة يطول شرحه، ونحن نشير إلى ما تيسر من ذلك.
وهو ثمانية أسباب:
وكل ضرب متولد منها، ومتفرع عنها:
الأول: اشتراك الألفاظ مثل لفظ القرء في الآية، لأن العرب تطلقه تارة على الطهر وتارة على الحيض، وغير ذلك من الألفاظ الواقعة على الشيء وضده، وكذا لفظ الأمر هل يحمل على الوجوب أو الندب، ولفظ النهي هل يحمل على التحريم أو كراهة التنزيه، وكذا اشتراك المعاني كاللمس فإن العرب تطلقه تارة على اللمس باليد، وتارة تكنى بها عن الجماع، فحمله الشَّافِعِيّ ﵁ في الآية على اللمس باليد، فينقض به الوضوء في لمس الأجنبية، وحمله أبو حَنِيفَةَ على الجماع فلم ينقض الوضوء إلا بذلك.
الثاني: الحقيقة والمجاز، مثل لفظ النكاح هل هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو عكس ذلك، أو مشترك.
الثالث: إطلاق اللفظ أو تقييده مثل تقييد الرقبة في العتق بالإيمان تارة وإطلاقها أخرى.
1 / 12