: ٦٤] وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِقَوْلِهِ: «بَاسِطٌ يَدَهُ»، فَصَدَّقَهُ الْقُرْآنُ، فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَالْقَوْلُ بِهِ عَلَى مَا قُلْنَا. وَقَوْلُهُ ﷺ: «بَاسِطٌ يَدَهُ لِمُسِيءِ اللَّيْلِ إِلَى النَّهَارِ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ إِسَاءَتَهَ فِي دِيَوَانِهِ لَيْلَتَهُ، وَيُمْهِلَهُ إِلَى النَّهَارِ كَمَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ: ح بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ الْحَسَنَةَ كَتَبَهَا لَهُ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً، قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: أَمْسِكْ، فَيُمْسِكُ عَنْهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنِ اسْتَغْفِرْ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كَتَبَ سَيِّئَةً وَاحِدَةً «فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُمْسِكُ عَنْ إِثْبَاتِهَا فِي دِيوَانِهِ لِيَسْتَغْفِرَ، فَمَعْنَى» بَاسِطٌ يَدَهُ " يَعْنِي: بِالرَّحْمَةِ وَالْإِمْهَالِ لِيَتُوبَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَثْبَتَهَا حَسَنَةً فِي دِيوَانِهِ، قَالَ ﷿ ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠]، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ أَثْبَتَهَا فِي دِيَوَانِهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً، وَالتَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ لَهُ إِلَى أَنْ يُغَرْغِرَ بِالْمَوْتِ، وَالشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، وَالرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: «يَرْفَعُ عَمَلَ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: تَصْعَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ بِأَعْمَالِ الْخَلْقِ فِي اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ النَّهَارِ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ بِأَعْمَالِ الْخَلْقِ فِي النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: يَقْبَلُ أَعْمَالَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلَصِينَ فِي لَيْلِهِمْ قَبْلَ النَّهَارِ، وَفِي نَهَارِهِمْ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ فِيهِ مَعْنَى تَعْجِيلِ إِجَابَتِهِ لِمَنْ دَعَاهُ، وَحُسْنِ قَبُولِهِ لِمَنْ عَمِلَ لَهُ، وَسُرْعَةِ إِقْبَالِهِ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: «حِجَابُهُ النَّارُ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَيْ حَجَبَ الْخَلْقَ عَنْ إِدْرَاكِهِ، وَالتَّوَهُّمِ لَهُ، وَالْفِكْرَةِ فِيهِ بِسُلْطَانِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، فَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ⦗١١٢⦘. وَقَوْلُهُ: «لَوْ كَشَفَ عَنْهَا»، يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ لَوْ كَشَفَ الْحِجَابَ عَنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ حِجَابُ لُطْفِهِ عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ، وَحِجَابُ الْغَفْلَةِ عَنْ أَعْدَائِهِ وَمَنْ جَحَدَهُ، وَحِجَابُ الرَّحْمَةِ عَنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنْ جَمَادٍ وَحَيٍّ، فَظَهَرَ لَهُمْ جَلَالُهُ وَهَيْئَتُهُ وَقَهْرُهُ لَتَلَاشَتِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا، وَاضْمَحَلَّتْ وَفَنَيَتْ وَغَابَتْ، قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣]، أَيْ: بَانَ لَهُ سُلْطَانُهُ وَعَظَمَتُهُ، فَصَارَ تُرَابًا، بَلْ تَلَاشَى، وَذَهَبَ وَفَنِيَ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَجَلَّى لشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ: ح بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ الْحَسَنَةَ كَتَبَهَا لَهُ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً، قَالَ صَاحِبُ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الشِّمَالِ: أَمْسِكْ، فَيُمْسِكُ عَنْهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، فَإِنِ اسْتَغْفِرْ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ كَتَبَ سَيِّئَةً وَاحِدَةً «فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُمْسِكُ عَنْ إِثْبَاتِهَا فِي دِيوَانِهِ لِيَسْتَغْفِرَ، فَمَعْنَى» بَاسِطٌ يَدَهُ " يَعْنِي: بِالرَّحْمَةِ وَالْإِمْهَالِ لِيَتُوبَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَثْبَتَهَا حَسَنَةً فِي دِيوَانِهِ، قَالَ ﷿ ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠]، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ أَثْبَتَهَا فِي دِيَوَانِهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً، وَالتَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ لَهُ إِلَى أَنْ يُغَرْغِرَ بِالْمَوْتِ، وَالشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، وَالرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [الأعراف: ١٥٦] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: «يَرْفَعُ عَمَلَ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: تَصْعَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ بِأَعْمَالِ الْخَلْقِ فِي اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ قَبْلَ النَّهَارِ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ بِأَعْمَالِ الْخَلْقِ فِي النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: يَقْبَلُ أَعْمَالَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلَصِينَ فِي لَيْلِهِمْ قَبْلَ النَّهَارِ، وَفِي نَهَارِهِمْ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ فِيهِ مَعْنَى تَعْجِيلِ إِجَابَتِهِ لِمَنْ دَعَاهُ، وَحُسْنِ قَبُولِهِ لِمَنْ عَمِلَ لَهُ، وَسُرْعَةِ إِقْبَالِهِ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: «حِجَابُهُ النَّارُ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَيْ حَجَبَ الْخَلْقَ عَنْ إِدْرَاكِهِ، وَالتَّوَهُّمِ لَهُ، وَالْفِكْرَةِ فِيهِ بِسُلْطَانِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، فَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ⦗١١٢⦘. وَقَوْلُهُ: «لَوْ كَشَفَ عَنْهَا»، يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ لَوْ كَشَفَ الْحِجَابَ عَنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ حِجَابُ لُطْفِهِ عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ، وَحِجَابُ الْغَفْلَةِ عَنْ أَعْدَائِهِ وَمَنْ جَحَدَهُ، وَحِجَابُ الرَّحْمَةِ عَنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنْ جَمَادٍ وَحَيٍّ، فَظَهَرَ لَهُمْ جَلَالُهُ وَهَيْئَتُهُ وَقَهْرُهُ لَتَلَاشَتِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا، وَاضْمَحَلَّتْ وَفَنَيَتْ وَغَابَتْ، قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ [الأعراف: ١٤٣]، أَيْ: بَانَ لَهُ سُلْطَانُهُ وَعَظَمَتُهُ، فَصَارَ تُرَابًا، بَلْ تَلَاشَى، وَذَهَبَ وَفَنِيَ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا تَجَلَّى لشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ»
1 / 111