حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ قَالَ: ح إِسْحَاقُ الْفَرْوِيُّ قَالَ: ح ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا» قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ الْأَعْرَجَ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ قُبِضَ أَيْ: لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عَظْمًا، ثُمَّ مَكْسُوًّا لَحْمًا، ثُمَّ طِفْلًا ⦗٧٨⦘، ثُمَّ بَالِغًا أَشُدَّهُ، ثُمَّ شَيْخًا، أَيْ لَمْ يُخْلَقْ أَطْوَارًا، بَلْ خُلِقَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ بِهَا، وَيُقَالُ: خُلِقَ عَلَى صُورَتِهِ، فَكَانَ فِي الْأَرْضِ حِينَ أُهْبِطَ إِلَيْهَا عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ الَّتِي أُهْبِطَ فِيهَا إِلَى الْأَرْضِ، وَلَمْ يُنْتَقَصْ طُولُهُ، وَلَا سُلِبَ نُورُهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا» أَيْ: عَلَى هَذَا الطُّوَلِ خُلِقَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَطْوَلَ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا أَقَلَّ نُورًا، وَلَا أَدْنَى حَالًا فِيهَا مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى صُورَتِهِ: أَيْ صُورَةُ حَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَفَاوِتَ الْحَالِ، مُتَغَايِرَ الْوَصْفِ، فَيُوصَفُ مَرَّةً بِالْغِوَايَةِ، وَمَرَّةً بِالْهِدَايَةِ وَبِالْعِصْيَانِ وَالتَّوْبَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢٢]، وَوَصَفَهُ بِالْعِلْمِ مَرَّةً، وَبِالْجَهْلِ أُخْرَى فَقَالَ ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١]، وَقَالَ ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢] وَهَذَا إِلَى سَائِرِ أَحْوَالِهِ فِي تَبَايُنِهَا، وَأَوْصَافِهِ فِي تَغَايُرِهَا، ثُمَّ مَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنْ فَضْلِهِ وَاخْتَصَّهُ وَاصْطَفَاهُ وَاسْتَخْلَصَهُ وَاجْتَبَاهُ وَكَانَ خَلِيفَتَهُ فِي أَرْضِهِ، وَقِبْلَةَ مَلَائِكَتِهِ، وَقَسِيمَ أَهْلِ نَارِهِ وَجَنَّتِهِ، عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ وَأَلَهْمَهُ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ، فَكَانَ خَلْقُهُ ﷿ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَعَلَى صُورَةِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١١٨]، وَلِذَلِكَ قِيلَ: خَلَقَهُمْ لِيَكُونُوا مُخْتَلِفِينَ. وَقَالَ ﷻ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] . فَلِذَلِكَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ لِيَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَمَا لَا يُحْصَى مِنَ الْحِكْمَةِ فِيهِ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: خُلِقَ آدَمُ عَلَى صُورَتِهِ، أَيْ: خَلَقَهُ لِيَكُونَ صُورَةُ حَالِهِ هَذِهِ الصُّورَةَ، وَخَلَقَ سَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ لِلطَّاعَةِ لَا غَيْرَ، وَالشَّيَاطِينَ لِلْعِصْيَانِ لَا غَيْرَ، وَالْبَهَائِمَ وَسَائِرَ الْحَيَوَانِ لِلتَّسْخِيرِ لَا غَيْرَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ: «خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ»
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَكْرِيُّ قَالَ: ح إِسْحَاقُ الْفَرْوِيُّ قَالَ: ح ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا» قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ الْأَعْرَجَ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ قُبِضَ أَيْ: لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عَظْمًا، ثُمَّ مَكْسُوًّا لَحْمًا، ثُمَّ طِفْلًا ⦗٧٨⦘، ثُمَّ بَالِغًا أَشُدَّهُ، ثُمَّ شَيْخًا، أَيْ لَمْ يُخْلَقْ أَطْوَارًا، بَلْ خُلِقَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ بِهَا، وَيُقَالُ: خُلِقَ عَلَى صُورَتِهِ، فَكَانَ فِي الْأَرْضِ حِينَ أُهْبِطَ إِلَيْهَا عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ الَّتِي أُهْبِطَ فِيهَا إِلَى الْأَرْضِ، وَلَمْ يُنْتَقَصْ طُولُهُ، وَلَا سُلِبَ نُورُهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا» أَيْ: عَلَى هَذَا الطُّوَلِ خُلِقَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَطْوَلَ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا أَقَلَّ نُورًا، وَلَا أَدْنَى حَالًا فِيهَا مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى صُورَتِهِ: أَيْ صُورَةُ حَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَفَاوِتَ الْحَالِ، مُتَغَايِرَ الْوَصْفِ، فَيُوصَفُ مَرَّةً بِالْغِوَايَةِ، وَمَرَّةً بِالْهِدَايَةِ وَبِالْعِصْيَانِ وَالتَّوْبَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢٢]، وَوَصَفَهُ بِالْعِلْمِ مَرَّةً، وَبِالْجَهْلِ أُخْرَى فَقَالَ ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١]، وَقَالَ ﴿وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢] وَهَذَا إِلَى سَائِرِ أَحْوَالِهِ فِي تَبَايُنِهَا، وَأَوْصَافِهِ فِي تَغَايُرِهَا، ثُمَّ مَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنْ فَضْلِهِ وَاخْتَصَّهُ وَاصْطَفَاهُ وَاسْتَخْلَصَهُ وَاجْتَبَاهُ وَكَانَ خَلِيفَتَهُ فِي أَرْضِهِ، وَقِبْلَةَ مَلَائِكَتِهِ، وَقَسِيمَ أَهْلِ نَارِهِ وَجَنَّتِهِ، عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ وَأَلَهْمَهُ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ، فَكَانَ خَلْقُهُ ﷿ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَعَلَى صُورَةِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١١٨]، وَلِذَلِكَ قِيلَ: خَلَقَهُمْ لِيَكُونُوا مُخْتَلِفِينَ. وَقَالَ ﷻ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] . فَلِذَلِكَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ لِيَكُونَ عَلَى هَذِهِ الْأَوْصَافِ، وَمَا لَا يُحْصَى مِنَ الْحِكْمَةِ فِيهِ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: خُلِقَ آدَمُ عَلَى صُورَتِهِ، أَيْ: خَلَقَهُ لِيَكُونَ صُورَةُ حَالِهِ هَذِهِ الصُّورَةَ، وَخَلَقَ سَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ لِلطَّاعَةِ لَا غَيْرَ، وَالشَّيَاطِينَ لِلْعِصْيَانِ لَا غَيْرَ، وَالْبَهَائِمَ وَسَائِرَ الْحَيَوَانِ لِلتَّسْخِيرِ لَا غَيْرَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ: «خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ»
1 / 77