Yakınlık İşaretleri Hisbe Talebinde
معالم القربة في طلب الحسبة
Yayıncı
دار الفنون «كمبردج»
لَا يَنْفُذُ إلَّا عَلَى مَنْ رَضِيَ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَمَنْ ذَهَبَ لِلْجَوَازِ قَالَ إلَّا فِي النِّكَاحِ وَاللِّعَانِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَمْرُهَا خَطَرٌ فَاخْتَصَّتْ بِالْحَاكِمِ الْمُقَلَّدِ مِنْ الْإِمَامِ.
قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ لِلْحُكْمِ فِي مَوْضِعٍ وَاسِعٍ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَيَقْصِدُونَهُ، وَلَا يَكُونُ فِي الْجَامِعِ، وَلَا فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ الْجُنُبُ وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ أَوْ الذِّمِّيُّ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْحَافِي، وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَيُؤْذُونَ الْمَسْجِدَ وَيُوَسِّخُونَ الْحُصْرَ، وَقَدْ تَرْتَفِعُ الْأَصْوَاتُ وَيَكْثُرُ اللَّغَطُ فِيهِ عِنْدَ ازْدِحَامِ النَّاسِ وَمُنَازَعَاتِهِمْ لِلْخُصُومِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَظْهِرَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَّى رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْحِسْبَةَ فَنَزَلَ إلَى الْجَامِعِ جَامِعِ الْمَنْصُورِ فَوَجَدَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ فَقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [الحج: ٤١] .
وَقَدْ مَكَّنَ اللَّهُ خَلِيفَتَهُ الْمُسْتَظْهِرَ بِاَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَبَسَطَ يَدَهُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ جَعَلَنِي اللَّهَ وَإِيَّاكَ نَائِبَيْنِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَائِمَيْنِ فِي رَعِيَّتِهِ بِحُدُودِ اللَّهِ " وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ " وَنَحْنُ أَوْلَى مَنْ يَعْمَلُ بِحُدُودِ اللَّهِ وَلُزُومِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ لِتَقْتَدِيَ بِنَا الْعَامَّةُ وَنَحْنُ مِلْحُ الْبَلَدِ نُصْلِحُ مَا يَفْسُدُ مِنْ أَحْوَالِ الْعَامَّةِ فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ مَنْ يُصْلِحُهُ؟ وَمَجْلِسُكَ هَذَا لَا يَصْلُحُ فِي الْجَامِعِ أَمَا سَمِعْت قَوْلَ اللَّهِ - تَعَالَى -: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [النور: ٣٦] ﴿رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾ [النور: ٣٧] وَلَيْسَ
1 / 207