كانت بعثات الطلاب تناقش في لجنة كان أحد أعضائها. فلا ينصح بإرسال الطلاب إلى ألمانيا، ويعرض حججه التي تجعله ينصح بإرسالهم إلى فرنسا، ويضيف: «من الواضح أنني أبحث عن مصلحة مصر، فإذا استفادت فرنسا، فلا بأس.»
ولكن ها هو وزير المعارف العمومية يستدعيه:
ألبس بذلتي الزرقاء، وأنتعل حذائي الأسود الجميل، كنت حليقا، فامتطيت عربة وذهبت. ويعلن لي الوزير أن قضيتي قد انتهت. ويبدو أنني عينت مديرا لمكتب الترجمة والنشر العلمي في الوزارة.
عجبا! اللقب جميل وإن كان الراتب متواضعا؛ فالصحف تتحدث عنه وتهنئني عليه بخبث، أما في الوزارة فهم يثرثرون حوله. لكن هذا العمل يروق لي على كل حال ويستهويني بشدة ... وهكذا يا حبي، عندما رجعت إلى البيت، ذهبت مباشرة إلى الصورة، وركعت أمامها وقصصت عليها الأمر؛ بصوت عال يا سوزان وبالتفصيل! وعندما وقفت ثانية، تساءلت عما إذا كان أحمد
67
يقف خلف الباب ... إذ ما عساه يظن؟! ناديته وطلبت إليه أن يكوي البنطلون.
ولم ينقض يوم حتى رغب رئيس الوزراء في مقابلته:
كان كعادته رائعا. فقد هنأني وتمنى لي مستقبلا مشرقا، وتمنى لمصر كثيرا من التقدم الثقافي والأخلاقي بفضل إسهامي، ثم تحدثنا عن أمور أخرى. إن ما يعذبني هو أنني سأبدأ عملي قبل أن تكوني هنا. ولقد تمنيت أن أحكي لك عن بداياتي في الوزارة، وعن انطباعاتي، وأن أستمع إلى نصائحك.
عندما عدت في سبتمبر لم يكن قد نفذ من هذا الأمر شيء بعد، ولم ينفذ شيء أصلا. ما أكثر ما خدعوه على هذا النحو وعللوه بالوعود الخلابة!
قبلي الطفلين وحدثيهما عني كثيرا؛ فذلك يسعدني. وعندما تروق لك البيرينيه أو يروق لك أي مشهد آخر ففكري بي بهدوء وجذل. فكري أنني إلى جانبك وأنني أرى بعينيك وأنني أعاني كل ما تعانينه.
Bilinmeyen sayfa