75

وكان شاد بك يسمع هذا القول الحزين وهو مطرق.

واستمر طومنباي قائلا: إن قلبي مظلم يا صديقي. أواه! إنه في مثل ظلمة السجن ويطويني في جوفه.

فقال شاد بك متأثرا: لا تستسلم لهذا الهم يا مولاي، والأمل ما يزال أمامنا فسيحا. هناك منازل صديقك حسن بن مرعي شيخ عرب البحيرة، وستجد عنده بلا شك ما تحب من النصر على هذا الدخيل ابن عثمان، وسيجتمع لك بعد حين جيش من العرب يتحفز لقتال هؤلاء الغرباء، وسنكون في صدر الجيش نمزق الجموع الهزيلة التي أتت إلينا كالذئاب من وراء الصحراء ... لم ينتصر الترك علينا إلا بخيانة الخونة، وسنمزق جموعهم في المعركة المقبلة ونعود إلى مصر التي تردد اسمك في حنايا قلوبها.

فأطرق السلطان صامتا، وكان يحس في نفسه شعورا مبهما من اليأس يرده إلى الحزن كلما حاول الفكاك منه، وكلما حاول أن يعلل نفسه بما سوف يجده عند صديقه الأمير العربي من المعونة والحماية أحس برودة تشبه برودة الثلج تغوص إلى أعماق قلبه وتكاد توقف دقاته.

ثم لاحت بعد حين عند الأفق ربوة تخفيها سحابة من الضباب والغبار، وانحدرت الشمس للمغيب ولمعت من قبل الربوة أنوار تخفق ضئيلة خافتة. واستمر الموكب سائرا في طريقه يخيم عليه الصمت والكآبة. •••

وخرج الأمير حسن بن مرعي وابن عمه الأمير شكر ومن ورائهما طائفة من فرسان العرب على خيول شعثاء خفيفة ضامرة، لاستقبال السواد المقبل من بعيد.

والتفت حسن إلى ابن عمه فسأله: لا أظن هؤلاء إلا بعض المماليك المنهزمين يا شكر .

فقال شكر مبادرا: أرجو ألا يكون ذلك أيها الأمير.

فقام حسن في ركابه واستشرف حينا ثم قال: إنها خيولهم يا شكر بغير شك. إنها خيول هزيمة تسير وئيدة مطرقة.

فصمت شكر حينا ثم قال: وهل يجرؤ المماليك على المجيء إلينا؟

Bilinmeyen sayfa