أقول: هذا أيضا من أكبر الأدلة على تعذيب بعض الصحابة (حسب التعريف المشهور عند المحدثين)، الذين لم يهاجروا، وعلى هذا فلم ينصروا الرسول (بالقتال والمال)، وعلى هذا فلا يستحقون اسم (الصحبة الشرعية)؛ رغم أنهم كانوا مسلمين بمكة قبل أن يهاجروا، ولم يستفد منهم الإسلام ولا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته، ولم يكابدوا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتاعب ولا الأخطار، ولم ينفقوا ولم يقاتلوا أيام الحاجة إليهم، وعلى هذا فقد أنذرهم الله بعذاب جهنم، ولم يستثن منهم إلا المعذور من ضعفاء الرجال ومن النساء والولدان، الذين لا يستطيعون الهجرة.
وهذه الآيات فيها دليل واضح على أن (الصحبة الشرعية) تقتضي النصرة أو الهجرة[28] أيام الضعف والحاجة إليهم، وليس أيام الاستغناء عنهم فتأمل هذا جيدا، فالصحبة الشرعية هجرة وجهاد وإيواء وإنفاق وخوف ورجاء، وليست بالتمني ولا بالتحلي، فلذلك لا يجوز إطلاق الصحبة الشرعية على من لا يستحقها شرعا، أما في اللغة فالأمر واسع.
النص السابع.. من النصوص القرآنية:
قوله عز وجل: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم، إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)[29].
Sayfa 35