Araplarla Birlikte: Tarih ve Efsaneler
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Türler
فما انقضت الليالي الثلاث حتى باغتهم حسان تبع بجنده، فأوقع بهم وسفك دماءهم.
ودخلت جديس، كأختها طسم، في جملة العرب البائدة.
الثأر
أكان قد ولد قيس بن الخطيم، لما قتل جده عدي؟ أم أنه انتظر مصرع جده حتى أطل على الوجود؟ تلك مشكلة، ولكن ليت المشاكل كلها في بساطتها!
على أننا موقنون أن قيسا لم ينتظر مقتل أبيه الخطيم حتى ولد، إلا أنه كان طفلا لما فتكت يد من الأيدي بوالده، فلم يبق له إلا أمه الأرملة تتعهده، وتنفق عليه من مزرعة نخيل خلفها زوجها في مدينة يثرب.
وقد أحسنت الأم الأرملة تعهده، فكان ينمو يوما بعد يوم ويزداد قوة ونشاطا، ومع القوة والنشاط فهما وذكاء، وقعدت في ذات ساعة تفكر فيه وفي سرعة نموه، وخطر لها أن ابنها لا بد صائر إلى الشباب ، فمستخبر عن أبيه وجده، فإذا عرف أن كليهما مات قتلا، بحث عن القاتلين وطلب منهما الثأر فحمل بذلك نفسه على أشد الأخطار، وربما لحق به الهلاك، فأذاقها مرارة الثكل كما ذاقت، من قبل، مرارة الإرمال، وأحست أن عليها، لساعتها، أن تبتدع حيلة تستر بها حقيقة الأمر عن ابنها الناشئ.
وهكذا نهضت إلى كومة من تراب عند باب المنزل، فأكثرت من الأحجار عليها بحيث لا يشك رائيها أنها قبر، ثم شرعت منذ ذلك الحين تقول لابنها: هذا قبر جدك وأبيك! فلا يتداخله ريب في صدق ما تقول.
واستمر قيس في نموه الناشط مع الأيام، حتى بلغ دور الشباب فقويت بنيته واشتد ساعده، وأصبح يخالط غيره من شباب القبائل وينافسهم في مآتي الشجاعة والقوة، وكثيرا ما كانت تؤدي هذه المنافسة إلى شيء من النزاع الجدي، فاتفق له مرة أن نازع فتى وأظهر عليه التيه والكبرياء بشدة ساعديه، فقال له الفتى: خير لك لو جعلت شدة ساعديك على من قتل أباك وجدك، فصعد الدم في وجه قيس، وقال له: وهل أبي وجدي ماتا قتلا؟ ومن الذي قتلهما؟ فرد عليه الفتى أن اسأل أمك!
فعاد قيس حثيث الخطى إلى أمه، ومذ وضع رجله داخل الدار، رأت في ملامح وجهه تغيرا أنبأها بمحذور، فأثبتت فيه بصرها وجعلت تنتظر ما يبدر منه.
فقال: أماه! أخبريني كيف مات أبي وجدي، فقالت: يا بني! ماتا كما يموت الناس، وهذا قبرهما عند باب المنزل، ولكنها لم تستطع إخفاء ما فاض على وجهها من أمارات الدهشة والارتباك، ورأى قيس دهشتها وارتباكها وعرف أنها تستر عنه حقيقة، فأخذ سيفه وركز مقبضه في الأرض، وجعل رأسه إلى صدره وانحنى عليه، وقال: لماذا، يا أماه، لا تخبرينني بالواقع؟ والله لئن لم تخبريني، لأحملن صدري على رأس هذا السيف حتى يطل من ظهري، وكان في بريق عينيه ونبرة صوته ما دلها أنه لن يحجم عن إنفاذ ما يقول، وخشيت سوء العاقبة إن هي لم تعجل له بكشف السر، فقالت: صحيح يا بني أن جدك وأباك ماتا قتلا، وقاتل جدك رجل اسمه مالك، وقاتل أبيك رجل أجهل اسمه، ولكنه من بني عبد القيس يسكن هجر من قرى البحرين، وأزيدك أن مالكا قاتل جدك من قوم خداش بن زهير، وأبوك قد أحسن في حياته إلى خداش، ولا بد أن يكون خداش ذاكرا له إحسانه، فإن كنت عازما على طلب الثأر، فانطلق إليه واسأله المعونة، فإنه يعينك، ولا تخاطر وحدك بنفسك، فقال لها: وهل تشكين في أني عازم على طلب الثأر، ولكني عامل بنصيحتك فذاهب إلى خداش بن زهير منذ اليوم!
Bilinmeyen sayfa