Araplarla Birlikte: Tarih ve Efsaneler
مع العرب: في التاريخ والأسطورة
Türler
قال عبد المطلب: كأني بك، أيها الملك، لست على ما نروم، مع أن الله ساق إليك نصرا على أعدائك، وشفى غلك، وأعز بك العرب.
فاغتصب سيف ابتسامة، وقال: اصغ إلي، أيها الشيخ، إنك لعارف بالأمور، ثم تزعم أن الله أعز بي العرب، وكيف أعزهم بي؟ لقد طردنا الأحباش، ويخيل إلي أننا استبدلنا أسيادا بأسياد، وسيحكمنا الفرس كما حكمنا الأحباش، ومع ذلك فالساعة آتية لا ريب فيها، اصغ إلي، أيها الشيخ، هل تعلم لماذا ملأت منك عيني في أول يوم قابلتني فيه؟
فأجاب عبد المطلب: لم يفتني أن أفكر في الأمر، وقد ظننت أن شيبتي أعجبتك، أو حسبت أنك تعلم خبري يوم قابلت أبرهة وهو على أبواب مكة.
فقال سيف مبتسما: شيبتك تعجب، أيها العم، وخبرك يوم قابلت أبرهة وهو على أبواب مكة مشهور ، على أنني أدمت النظر لسبب آخر: أن العرب الذين تزعم أن الله أعزهم بي سيعزون، ولكن على يد جديدة، وإيمان جديد، وعقل جديد، هذا ما يوحيه إلي هاجس خفي جلي.
ونظر سيف في وجه عبد المطلب وفاجأه بسؤال غريب: هل ولد في بيتك غلام تحس من أمره عجبا؟
فارتعش الشيخ وبان التغير في وجهه.
فألح عليه سيف أن لا يكتمه شيئا.
فاندفع عبد المطلب يقول: أجل ولد في بيتي مثل هذا الغلام الذي تسأل عنه، وهو حفيدي، مات أبوه ولم يكن قد خرج إلى الدنيا، وكان عام ولادته العام الذي زحف فيه أبرهة يطلب الكعبة، وذكرت النساء أن أما لم تضع طفلها بأيسر مما وضعته أمه، وأتتنا الأنباء بالأعاجيب من كل صوب، فقيل إن إيوان كسرى أصابته ارتجاجة حتى تصدع، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وقيل إن النار التي يعبدها الفرس ويوقدونها من جيل إلى جيل أصابها الانطفاء لأول مرة منذ ألف سنة، وقيل إن بحيرة ساوة غاضت، وقيل إن موبذان فارس شهد في نومه إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في البلاد، وقيل إن سطيحا الكاهن أول ذلك لكسرى بانتهاء ملك الفرس، وقيام ملك العرب.
فترقرقت عينا سيف، وصاح بعبد المطلب: إن حفيدك هذا لهو المنتظر الذي ننتظره، فتعهده بخير ما تستطيع يا عبد المطلب، إن له لشأنا عظيما، وإنه سيلقى عنتا شديدا، وما أتمنى إلا أن يمد لي في الأجل فأدرك ظهور أمره، وأجعل يدي يده، ولكن كأني بحبل الحياة سينقطع بي قبل الأوان.
فأطرق عبد المطلب لا يدري حقيقة هذه العواطف التي تساوره، أهي الزهو، أم الغبطة، أم الخشية والقلق، أم كل ذلك مجتمعا في شعور لا يترك مسربا من مسارب النفس إلا تغلغل فيه؟
Bilinmeyen sayfa