الوجه السادس والأربعون:
أنه لم يزل أهل العلم في كل عصر ومصر يحتجون بما هذا سبيله ولا ينكره منكر، وتصانيف العلماء شاهدة بذلك، ويمتنع إطباق هؤلاء كلهم على الاحتجاج بما لم يشرع الله ورسوله الاحتجاج به. فإن قيل: فما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن، هل هي حجة؟ قيل: لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم. فإن قيل: فنحن نجد لبعضهم أقوالا في التفسير تخالف الأحاديث المرفوعة الصحاح، كما فسر علي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ ١ الآية أنها في الحامل والحائل، والسنة الصحيحة بخلافه، وفسر ابن مسعود ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ ٢ بأن الصفة ل (نسائكم) الأولى والثانية، فلا تحرم أم المرأة حتى يدخل بها، والصحيح خلاف قوله، والصفة راجعة إلى قوله: (وَرَبَائِبُكُمُ) الآية، وهو قول جمهور الصحابة، وكما فسر ابن عباس (السجل) ٣ بأنه كاتب للنبي ﷺ يسمى السجل، وإنما السجل الصحيفة المكتوبة، واللام مثلها في قوله ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ ٤
وفي قوله:
فخر صريعا لليدين وللفم
_________
١ سورة البقرة آية: ٢٣٤.
٢ سورة النساء آية: ٢٣.
٣ في قوله تعالى في سورة الأنبياء يوم نطوي السماء كطي السجل آية: ١٠٤.
٤ سورة الصافات آية: ١٠٣.
1 / 34