والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والتفويض والاستسلام، فيكون تعلق ذلك من قلوبهم به وحده لا بغيره، ثم أخبر سبحانه أنه نوه بهم وأثنى عليهم قبل وجودهم، وسماهم عباده المسلمين قبل أن يظهرهم، ثم نوه بهم، وسماهم كذلك بعد أن أوجدهم اعتناء بهم، ورفعة لشأنهم، وإعلاء لقدرهم، ثم أخبر سبحانه أنه فعل ذلك ليشهد عليهم رسوله، ويشهدوا هم على الناس. فيكون مشهودا لهم بشهادة الرسول ﷺ شاهدين على الأمم بقيام حجة الله عليهم، فكان هذا التنويه وإشادة الذكر بهذين الأمرين الجليلين، ولهاتين الحكمتين العظيمتين. والمقصود: أنهم إذا كانوا بهذه المنزلة عنده سبحانه فمن المحال أن يحرمهم كلهم الصواب في مسألة، فيفتي بعضهم بالخطأ، ولا يفتي غيره بالصواب، ويظفر به من بعدهم، والله المستعان.
الوجه الحادي عشر:
قوله ﵎: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ١. أخبر سبحانه عن المعتصمين به أنهم قد هدوا إلى الحق، والصحابة معتصمون بالله، لقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ ٢ ومعلوم كمال تولي الله سبحانه لهم ونصره إياهم أتم نصر، وهذا يدل على أنهم اعتصموا به أتم اعتصام.
_________
١ سورة آل عمران آية: ١٠١.
٢ سورة الحج آية: ٧٨.
1 / 19