أن تنشأ هيئات قضائية على غاية البساطة في كل مدينة وفي كل بلدة على نسبة سكانها، بحيث لا يتأخر الفصل في الدعاوى مهما كانت مهمة (وحينئذ لا تبلغ هذه الأهمية) إلا أياما معلومة؛ حرصا على مصلحة المتداعين، وعلى مصلحة الاجتماع نفسه؛ لئلا ينمو فيهم حب التداعي إلى صرف قواهم كلها في هذه الجهة، فيخسر الاجتماع بهم بقدر ما تزيد فيهم هذه الملكة.
خامسا:
أن يتولى الاجتماع نفسه توزيع المنافع العمومية الضرورية، من مثل الماء مثلا، مجانا على عموم الناس.
سادسا:
أن تنشأ كتاتيب في كل مدينة وفي كل حي وفي كل قرية على نسبة السكان، يعلم فيها الأطفال مبادئ العلوم الطبيعية البسيطة، يفهمون منها طبائع الماء والهواء والجماد والنبات والحيوان، ويوضع لهم شبه تعليم طبيعي يعلمون منه حقيقة الإنسان ومركزه في الأرض.
سابعا:
أن تنشأ جرائد تعلم الناس كيف يجب عليهم أن يكونوا نظافا في أجسامهم، في ملابسهم، في مآكلهم، في مساكنهم، وخصوصا في عقولهم. وتعلمهم أن كل نظام حولهم في الأرض والسماء، في الجماد والنبات والحيوان، خاضع لنواميس طبيعية لا تزعزع، وأن سيرهم على هذه النواميس يقيهم عثرات كثيرة في معايشهم صحيا وماديا وأدبيا، وأن آدابهم يجب أن تكون مستفادة من آداب الطبيعة نفسها. يعلمون كل ذلك لكي يعلموا أن كل عضو في الاجتماع له حقوق وعليه واجبات، وأن الاشتراك في المنفعة يتحتم له على قدر اشتراكه في العمل، وأن المكافأة إنما هي للاجتهاد لا للصنيعة، وحينئذ يظهر الفضل الصحيح، وينتفي الفضل الكاذب.
هذا أهم ما جاء في هذا البروغرام، وسأوافيكم بما يجد من هذا القبيل.
أرأيت الآن يا صاحبي كيف أن المجون يصير جدا؟ وكيف أن الأحلام تصير حقائق؟ وكيف أن التي يسمونها اليوم يقظة هي الحلم بعينه؟ ولكنه يا للأسف حلم وسخ.
المقالة التاسعة والعشرون
Bilinmeyen sayfa