1
نقش قديم يتضمن الكلمات الآتية:
أنا كل شيء كان، وكل شيء كائن، وكل شيء سيكون، ومحال على من يفنى أن يزيل النقاب الذي تنقب به من لا يفنى.
أما العلم الحديث فيعتقد أنه كشف هذا الحجاب، وأن «القوة» و«المادة» هما كل شيء كان وسيكون! وليس هذا موضع البحث فيما إذا كان ما يزعمه العلم حقا أو باطلا، وإنما الذي نريد أن نقوله: إن العقل البشري بذل جهده في رفع النقاب، وحاول معرفة هذا السر المحتجب بحمية وغيرة، ولكن لا نتعرض للحكم بنجاحه أو خيبته.
طالع العقل البشري لغز هذا العالم من وجوه عديدة وشرحه، وكان السؤال الأول من بين الأسئلة الثلاثة التي لا ينفك يحاول الإجابة عنها - وأعني بها: (1)
ما حقيقة الموجود الذي هو من اختصاص ما بعد الطبيعة؟ (2)
وما حقيقة المعرفة؟ (3)
وماذا ينبغي للإنسان أن يعمل؟ - هو أهم ما هيج في الإنسان الميل إلى حب الاستطلاع، واختلف الفلاسفة في الإجابة عنه في العصور المختلفة، ونشأ عن ذلك مذاهب فيما بعد الطبيعة.
ولو أنا سألنا إنسانا عاديا عمليا: «ما الموجود؟» أجابك من غير تردد بقوله: كل شيء حولي موجود، وكثيرة هي الأشياء، فكل ما أرى وأسمع، وكل ما أمسك وألمس، والسماء والأرض، والأشجار والأنهار، والشمس والنجوم، والطير والهواء، والسمك في الماء، والوحوش في الغابات، وعلى الجملة كل ما أرى وأمسك وألمس كائن موجود، ولكن يرى الإنسان بين هذه الموجودات فروقا واختلافا؛ «فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع.» طائر وغير طائر، متحرك وغير متحرك، والمتحرك حي، وغيره فاقد الحياة، والحي إذا لمسه الموت فقد الحركة.
أنى لنا هذه الأعضاء وتلك القوة العاصفة التي فينا، ودم الحياة وما يبعث من شهوات، ثم بعد قليل يصير ذلك كله ترابا، ويذهب التراب هباء كأن لم يغن بالأمس؟ هنا يتساءل عن علة هذا التغير وتلك التقلبات.
Bilinmeyen sayfa