197

أمنية طال عداتي بها

كأنني فيها أخو حلم [قالوا] : ولما انتشرت دعوته -عليه السلام- في الآفاق وعقدت من أهل الفضل في الأعناق، اضطر إلى الخروج قبل أوانه، وكان السبب في ذلك أن أبا الدوانيق لما حبس عبد الله بن الحسن وإخوته وشدد عليهم بسبب محمد هذا، وأمر بضرب موسى بن عبد الله فضرب ستمائة سوط، ثم أمره أبو جعفر ابن عمه ليكون [له عينا] فتقدم موسى بن عبد الله على أن يكون عينا له على أخيه محمد، فأقام مدة بالمدينة حتى أمر [واليها إلى أبي جعفر] إنك أمرت موسى ليكون عينا لنا على محمد بن عبد الله وإنه عين له علينا، فأمر أبو جعفر بإحضاره، فلما خرجوا بموسى من المدينة خشي عليه أخوه محمد[من] القتل؛ فشهر نفسه في الحال، وكان ظهوره لليلتين بقيتا من شهر جماد الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة وانضاف إليه في تلك الحال مائتان وخمسون رجلا حتى وقف على سجن المدينة، وأخرج من فيه ودخل المسجد قبل الفجر، فخطب الناس، وقال في خطبته بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد.. يا أهل المدينة، فإني والله ما خرجت فيكم وبين أظهركم[لأتعززبكم] فغيركم كان أعز لي منكم إلا أني حبوتكم بنفسي مع أنه لم يبق مصر من الأمصار يعبد الله فيه إلا وقد أخذت لي فيه البيعة، وما بقي أحد من مشرق، ولا مغرب إلا وقد أتتني بيعته، وأنا أحق الناس بالقيام بهذا الأمر لأبناء المهاجرين والأنصار، مع ما قد علمتم من سوء مذهب هذا الطاغية الذي قد بلغ من عتوه وطغيانه أن اتخذ لنفسه بيتا وبوبه بالذهب -يعني أبا الدوانيق-، ثم بالغ في ذمه، ثم صلى بالناس وبايعوه طوعا إلا شرذمة، وهرب والي المدينة لأبي الدوانيق فلحق وسألوه عن موسى؟ فقال: قد أنفذته إلى المنصور، فبعث جماعة من الفرسان فردوه، ثم خرج -عليه السلام- إلى مكة فبويع هناك، وبعث أخاه إبراهيم إلى البصرة، وأما هو فرجع من مكة إلى المدينة فوجه إليه أبو جعفر عيسى بن موسى في أربعة آلاف رجل، وقال له: إنك سترد على حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجيران قبره، فإن قتلت محمدا أو أخذته أسيرا فلا تقتل أحدا وارفع السيف، وإن طلب محمد الأمان فأعطه، فلما بلغ محمد مسيره خندق على المدينة خندقا فقاتلهم ساعة، فلما انهزم أصحابه، وتفرقوا رجع إلى دار مروان، فصلى الظهر واغتسل وتحنط، وكان القتال يوم الإثنين للنصف من رمضان.

Sayfa 293