Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Araştırmacı
عمر بن محمود أبو عمر
Yayıncı
دار ابن القيم
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Yayın Yeri
الدمام
Türler
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أَيْ: خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ إِنَاثًا تَكُونُ لَكُمْ أَزْوَاجًا ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٨٩] يَعْنِي بِذَلِكَ حَوَّاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَقْصَرِ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثَهُمْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ إِمَّا مِنْ جَانٍّ أَوْ حَيَوَانٍ لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَزْوَاجِ بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ نَفْرَةٌ لَوْ كَانَتِ الْأَزْوَاجُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ثُمَّ مِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ بِبَنِي آدَمَ أَنْ جَعَلَ الْأَزْوَاجَ مِنْ جِنْسِهِمْ ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً﴾ وَهِيَ الْمَحَبَّةُ ﴿وَرَحْمَةً﴾ وَهِيَ الرَّأْفَةُ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْسِكُ الْمَرْأَةَ إِمَّا لِمَحَبَّةٍ لَهَا أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ أَوْ مُحْتَاجَةً إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ ﴿خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: خلق السموات فِي ارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَشُفُوفِ أَجْرَامِهَا وَزَهَارَةِ كَوَاكِبِهَا وَنُجُومِهَا الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ وَخَلْقِ الْأَرْضِ فِي انْخِفَاضِهَا وَكَثَافَتِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ جِبَالٍ وَأَوْدِيَةٍ وَبِحَارٍ وَقِفَارٍ وَحَيَوَانٍ وَأَشْجَارٍ ﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ﴾ يَعْنِي اللُّغَاتِ فَهَؤُلَاءِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَهَؤُلَاءِ تَتَرٌ لَهُمْ لُغَةٌ أُخْرَى وَهَؤُلَاءِ كَرَجٌ١ وَهَؤُلَاءِ رُومٌ وَهَؤُلَاءِ إِفْرِنْجٌ وَهَؤُلَاءِ بَرْبَرٌ وَهَؤُلَاءِ حَبَشَةٌ وَهَؤُلَاءِ هُنُودٌ وَهَؤُلَاءِ فُرْسٌ وَهَؤُلَاءِ صَقَالِبَةٌ وَهَؤُلَاءِ خَزَرٌ وَهَؤُلَاءِ أَرْمَنٌ وَهَؤُلَاءِ أَكْرَادٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ﷿ مِنَ اخْتِلَافِ لُغَاتِ بَنِي آدَمَ ﴿وَأَلْوَانِكُمْ﴾ أَيْ: وَاخْتِلَافُ أَلْوَانِكُمْ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ وَأَحْمَرَ وَأَنْتُمْ أَوْلَادُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ اخْتِلَافِ الصِّفَاتِ وَالْحُلَى فَجَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ بَلْ أَهْلُ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ كُلٌّ لَهُ عَيْنَانِ وَحَاجِبَانِ وَأَنْفٌ وَجَبِينٌ وَفَمٌ وَخَدَّانِ وَلَيْسَ يُشْبِهُ وَاحِدٌ مِنْهُمُ الْآخَرَ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُفَارِقَهُ بِشَيْءٍ مِنَ السَّمْتِ أَوِ الْهَيْئَةِ أَوِ الْكَلَامِ ظَاهِرًا كَانَ أَوْ خَفِيًّا يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ كُلُّ وَجْهٍ مِنْهُمْ أُسْلُوبٌ بِذَاتِهِ وَهَيْئَةٌ لَا تُشْبِهُ أُخْرَى، وَلَوْ تَوَافَقَ جَمَاعَةٌ فِي صِفَةٍ مِنْ جَمَالٍ أَوْ قُبْحٍ لَا بُدَّ مِنْ فَارِقٍ
_________
١ مجلة بالدينور تعرف اليوم بولاية جورجيا بعد استيلاء الشيوعيون عليها في الاتحاد السوفيتي وعاصمتها تبيليسي فك الله أسرها.
1 / 104