353

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Soruşturmacı

عمر بن محمود أبو عمر

Yayıncı

دار ابن القيم

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Yayın Yeri

الدمام

Türler

يَدٌ عِنْدِي" أَيْ: نِعْمَةٌ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٦٤] يَعْنِي: نِعْمَتَاهُ، فَلَمْ يُثْبِتُوا لِلَّهِ إِلَّا نِعْمَتَيْنِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لُقْمَانَ: ٢٠] وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] أَرَادَ،بِنِعْمَتِي فَأَيُّ فَضِيلَةٍ لِآدَمَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ بِنِعْمَتِهِ؟ وَيَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزُّمَرِ: ٦٧] أَرَادَ مَطْوِيَّاتٌ بِنِعْمَتِهِ، فَهَلْ يَقُولُ هَذَا عَاقِلٌ؟ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: "بِقُوَّتِهِ" اسْتِشْهَادًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ١٤٧] أَيْ: بِقُوَّةٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ كُلُّ مَخْلُوقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُوَّةٍ؟ فَعَلَى هَذَا مَا مَعْنَى قَوْلِهِ ﷿: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ وَأَيُّ فَضْلٍ لِآدَمَ عَلَى إِبْلِيسَ إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُوَّتِهِ؟ ومعنى قَوْلِهِ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ: "لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذَرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدَيَّ كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَكَانَ". أَفَلَمْ يَخْلُقِ الْمَلَائِكَةَ بِقُوَّتِهِ، وَأَيُّ فَضْلٍ لِآدَمَ عَلَيْهِمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ الَّتِي هِيَ صِفَتُهُ، نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَكَمَا تَأَوَّلُوا الِاسْتِوَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَاسْتَشْهَدُوا بِبَيْتٍ مَجْهُولٍ مَرْوِيٍّ عَلَى خِلَافِ وَجْهِهِ وَهُوَ مَا يُنْسَبُ إِلَى الْأَخْطَلِ النَّصْرَانِيِّ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ
فَعَدَلُوا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دَلِيلٍ مِنَ التَّنْزِيلِ إِلَى بَيْتٍ يُنْسَبُ إِلَى بَعْضِ الْعُلُوجِ لَيْسَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا عَلَى لُغَةِ الْعَرَبِ، فَطَفِقَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ يُفَسِّرُونَ بِهِ كَلَامَ اللَّهِ ﷿ وَيَحْمِلُونَهُ عَلَيْهِ، مَعَ إِنْكَارِ عَامَّةِ أَهْلِ اللُّغَةِ لِذَلِكَ وَأَنَّ الِاسْتِوَاءَ لَا يَكُونُ بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْبَتَّةَ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي زَمَانِهِ فَقَالَ: الْعَرَبُ لَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ اسْتَوْلَى عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ فِيهِ مُضَادٌّ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ قِيلَ اسْتَوْلَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا مغالب له ا. هـ.١. وَقَدْ فَسَّرَ السَّلَفُ الِاسْتِوَاءَ بِعِدَّةِ مَعَانٍ بِحَسَبِ أَدَاتِهِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ، وَبِحَسَبِ تَجْرِيدِهِ عَنِ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ حَتَّى

١ العلو للذهبي "مختصره ص١٩٤-١٩٥".

1 / 359