Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Araştırmacı
عمر بن محمود أبو عمر
Yayıncı
دار ابن القيم
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Yayın Yeri
الدمام
Türler
وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّةِ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا أَحَدٌ وَلَا اطِّلَاعَ لِبَشَرٍ عَلَى كُنْهِهَا وَإِحْصَائِهَا، كَمَا قَالَ سَيِّدُ الْبَشَرِ وَخَاتَمُ الرُّسُلِ: "لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" ١، فَقَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ أَيْ: وَلَوْ أَنَّ جَمِيعَ أَشْجَارِ الْأَرْضِ جُعِلَتْ أَقْلَامًا وَجُعِلَ الْبَحْرُ مِدَادًا وَأَمَدَّهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَعَهُ فَكُتِبَتْ بِهَا كَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى الدَّالَّةُ عَلَى عَظْمَتِهِ وَصِفَاتِهِ وَجَلَالِهِ لَتَكَسَّرَتِ الْأَقْلَامُ وَنَفِدَ مَاءُ الْبَحْرِ وَلَوْ جَاءَ أَمْثَالُهَا مَدَدًا، وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ السَّبْعَةُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ وَلَمْ يُرِدِ الْحَصْرَ، وَلَا أَنَّ ثَمَّ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ مَوْجُودَةً مُحِيطَةً بِالْعَالَمِ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ تَلَقَّاهُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي لَا تُصَدَّقُ وَلَا تُكَذَّبُ، بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ الْأُخْرَى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ﴿بِمِثْلِهِ﴾ آخَرَ فَقَطْ، بَلْ بِمِثْلِهِ ثُمَّ بِمِثْلِهِ ثُمَّ بِمِثْلِهِ ثُمَّ هَلُمَّ جَرًّا؛ لِأَنَّهُ لَا حَصْرَ لِآيَاتِ اللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَوْ جُعِلَ شَجَرُ الْأَرْضِ أَقْلَامًا وَجُعِلَ الْبَحْرُ مِدَادًا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَمِنْ أَمْرِي كَذَا، لِنَفِدَ مَاءُ الْبَحْرِ وَتَكَسَّرَتِ الْأَقْلَامُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّمَا هَذَا كَلَامٌ يُوشِكُ أَنْ يَنْفَدَ، فَقَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ أَيْ: لَوْ كَانَ شَجَرُ الْأَرْضِ أَقْلَامًا وَمَعَ الْبَحْرِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا كَانَتْ لِتَنْفَدَ عَجَائِبُ رَبِّي وَحِكْمَتُهُ وَخَلْقُهُ وَعِلْمُهُ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ﵀: إِنَّ مَثَلَ عِلْمِ الْعِبَادِ كُلِّهِمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ كَقَطْرَةٍ مِنْ مَاءِ الْبُحُورِ كُلِّهَا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ ذلك: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ﴾ الْآيَةَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَالْأَشْجَارُ كُلُّهَا أَقْلَامًا لَانْكَسَرَتِ الْأَقْلَامُ وَفَنِيَ مَاءُ الْبَحْرِ وَبَقِيَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ قَائِمَةً لَا يُفْنِيهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْدِرَهُ قَدْرَهُ وَلَا يُثْنِيَ عَلَيْهِ كَمَا يَنْبَغِي حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُثْنِي عَلَى نَفْسِهِ، إِنَّ رَبَّنَا كَمَا يَقُولُ وَفَوْقَ مَا نَقُولُ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ جَوَابًا لِلْيَهُودِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
١ مسلم "١/ ٣٥٢/ ح٤٨٦" في الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود من حديث عائشة ﵂.
1 / 256