225

Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Araştırmacı

عمر بن محمود أبو عمر

Yayıncı

دار ابن القيم

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Yayın Yeri

الدمام

Türler

الْمُسْتَلْزِمُ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرِضَاهُ، فَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَلَا يَنْهَى إِلَّا عَمَّا يَكْرَهُهُ وَيَأْبَاهُ. وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ هَذَا الْقِسْمِ وَمَا قَبْلُهُ إِلَّا فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ الْمُطِيعِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَنْفَرِدُ فِي حَقِّهِ الْإِرَادَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْأَمْرُ الْكَوْنِيُّ الْقَدَرِيُّ، فَاللَّهُ ﷾ يَدْعُو عِبَادَهُ إِلَى طَاعَتِهِ وَمَرْضَاتِهِ وَجَنَّتِهِ وَيَهْدِي لِذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ فِي الْكَوْنِ وَالْقَدَرِ هِدَايَتَهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فَعَمَّمَ الدَّعْوَةَ إِلَى جَنَّتِهِ وَهِيَ دَارُ السَّلَامِ وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى ذَلِكَ جَمِيعَ عِبَادِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ يَسْتَجِيبُ مِمَّنْ لَا يَسْتَجِيبُ، وَخَصَّ الْهِدَايَةَ بِمَنْ يَشَاءُ هِدَايَتَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ .
"مَسْأَلَةٌ": فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ بِمُمْكِنٍ فِي قُدْرَتِهِ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ كُلَّهُمْ طَائِعِينَ مُؤْمِنِينَ مُهْتَدِينَ؟ قُلْنَا: بَلَى وَقَدْ قَدَّمْنَا لَكَ جُمْلَةً وَافِيَةً مِنَ الْآيَاتِ وَالْآحَادِيثِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ قَدَّمْنَا لَكَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ بِهِمْ هُوَ مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمُوجَبُ رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَوَاقِعِ فَضْلِهِ وعدله، فحينئذ قول الْقَائِلُ لِمَ كَانَ مِنْ عِبَادِهِ الطَّائِعُ وَالْعَاصِي؟ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: لِمَ كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ الضَّارُّ النَّافِعُ وَالْمُعْطِي الْمَانِعُ وَالْخَافِضُ الرَّافِعُ وَالْمُنْعِمُ الْمُنْتَقِمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إِذْ أَفْعَالُهُ تَعَالَى هِيَ مُقْتَضَى أَسْمَائِهِ وَآثَارُ صِفَاتِهِ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي أَفْعَالِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بَلْ وَعَلَى إِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فَسُبْحَانَ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يصفون، لا يسئل عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
"مَسْأَلَةٌ": وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُوَسْوِسُ الشَّيْطَانُ لِبَعْضِ النَّاسِ فَيَقُولُ: مَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيرِ السَّيِّئَاتِ مَعَ كَرَاهَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهَا، وَهَلْ يَأْتِي الْمَكْرُوهُ بِمَحْبُوبٍ؟ فَنَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إِيمَانًا بِإِلَهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَاسْتِسْلَامًا لِأَقْدَارِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَتَسْلِيمًا لِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْعَبْدِ أَمْرٌ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْثِ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِأَقْدَارِهِ وَالْيَقِينُ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَالْفَرَحُ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَسَائِرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ إِلَّا مَا عَلِمْنَاهُ وَلَا يُحِيطُ بِكُنْهِ شَيْءٍ مِنْهَا وَنِهَايَتِهِ إِلَّا الَّذِي اتَّصَفَ بِهَا وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَمِمَّا عَلِمْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا عَلَّمَنَا اللَّهُ تَبَارَكَ

1 / 231