Dinlerin Ötesinde: Tüm Dünya İçin Ahlak
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Türler
ولهذا؛ أحث الناس على التأمل المستمر في الطبيعة الهدامة لمثل هذه المشاعر. وسوف أعود إلى مناقشة هذا الموضوع في الفصل الحادي عشر الذي أصف فيه بعض ممارسات التدريب العقلي البسيطة التي يمكنها أن تكون مفيدة كوسيلة لتنمية الاقتناع بالحاجة إلى التغلب على مثل هذه المشاعر، ويمكنها أن تكون مفيدة في تدريب العقل أيضا. (6) فهم أسباب الأذى
بعد أن نتحلى بعزم قوي للتصدي لمشاعرنا الهدامة، يمكننا حينئذ التفكير في أسبابها. من أين تأتي هذه المشاعر المزعجة؟ حسنا، قد نجيب بأنها تأتي من العالم الذي نعيش فيه، ومن الآخرين الذين يسيئون إلينا! قد نعتقد أنه لولا الآخرون لما كان لدينا سبب للشعور بالعدوانية أو الاستياء أو القلق.
تعد هذه الإجابة المتمثلة في اعتبار الظروف الخارجية هي المصدر لمشكلاتنا، إجابة طبيعية، لا سيما عندما لا نكون معتادين على الانتباه إلى عملياتنا الذهنية الداخلية. فنحن نميل إلى رؤية العامل المعكر على أنه شيء يقع خارج أنفسنا. لكن إذا تأملنا بعمق، فسنكتشف أن المعكر الحقيقي لصفو حياتنا يكمن في داخلنا، وأن ميولنا التدميرية هي عدونا الحقيقي. ذلك أنه إذا كان الظرف الخارجي هو المصدر الحقيقي لمشكلتنا، فسنجد أنه إذا واجه عشرة أشخاص على سبيل المثال، الظرف الخارجي نفسه، فسيجد كل منهم الصعوبة نفسها عند مواجهة ذلك الظرف الخارجي. لكننا نعرف أن الوضع ليس كذلك. فالطريقة التي نستجيب بها عاطفيا لأي موقف تعتمد إلى حد كبير على منظورنا الخاص؛ أي موقفنا وعاداتنا العاطفية.
إذا أردنا تعلم اكتساب قدر من السيطرة على المشاعر كخطوة نحو تشكيل عقل هادئ، فمن المهم أن نتبع نهجا محسوبا، وواقعيا قبل كل شيء، للتعامل مع العالم والمشكلات التي نواجهها. لننظر إلى الغضب على سبيل المثال. هل يفيد الغضب حقا؟ إذا كان لدينا جار معاد يستفزنا باستمرار، فهل يفيد غضبنا بأي شيء في تصحيح هذا الوضع؟ أضف إلى ذلك أننا إذا سمحنا للغضب والاستياء بالتفاقم، فسوف يستنزفاننا تدريجيا، ويؤثران على مزاجنا ونومنا وحتى شهيتنا. وإذا حدث هذا، فسيكون الجار المعادي قد حقق في الواقع نوعا من الانتصار! من الحماقة أن نستجيب بهذه الطريقة؛ لأنها نوع من التعذيب الذاتي. على النقيض من ذلك، إذا استطعنا التحلي ببعض الهدوء الذهني، والحفاظ على رباطة جأشنا، والاستمرار في حياتنا الطبيعية، فسنكون على درجة أكبر كثيرا من الاستعداد لتحديد المسار الأقوى فاعلية للتعامل مع مثل هذه المواقف. الحق أننا عندما نكون محتدين فإننا لا نجيد أي شيء، فحتى تثبيت مسمار في وضع مستقيم قد يكون صعبا علينا!
عند التأمل إذن، نبدأ في إدراك الخطأ في فهم أسباب مشاعرنا المزعجة على أنها تتعلق فحسب بالأشياء أو الأشخاص الذين يثيرون تلك المشاعر فينا. إذا نظرنا من بعيد وفكرنا بعض الوقت، فسنجد أنه على الرغم من أن شكاياتنا قد تكون مشروعة إلى حد ما، فإن مشاعرنا من غضب وإحباط غير واقعية بعض الشيء بالفعل وغالبا ما تكون أضخم مما يستدعيه الموقف الفعلي. قد نجد أيضا أن مثل هذه المشاعر المزعجة تتكرر كثيرا، وليس ذلك بسبب عوامل خارجية فحسب، بل لأنها صارت أيضا عادة عاطفية لدينا.
عندما نبدأ في رؤية الأشياء من هذا المنظور، يمكننا البدء في إدراك أن هذه المشاعر الهدامة تزداد تلقائيا؛ أي إننا كلما انغمسنا فيها أصبحت أقوى. ومن ثم فلكي نعالج مثل هذه المشاعر الهدامة الذاتية الاستدامة، يتطلب الأمر منا أن نحول انتباهنا إلى عاداتنا الذهنية. فبدلا من إلقاء اللوم على الآخرين والعالم من حولنا، علينا أن ننظر في أنفسنا أولا.
لقد أوضح المفكر البوذي شانتيديفا الذي عاش في القرن الثامن، هذه النقطة على نحو رائع عندما ناقش مسألة الغضب. قال إننا إذا أردنا منع الأشواك من وخز أقدامنا، فسيكون من الحماقة أن نحاول تغطية العالم بأسره بالجلد. الأسهل كثيرا والأكثر فاعلية، أن نغطي نحن أقدامنا. وبالطريقة نفسها، من الخطأ الاعتقاد بأننا سنتخلص من الغضب بتغيير كل شيء يغضبنا في العالم. فبدلا من ذلك، يجب أن نتطلع إلى تغيير أنفسنا.
إن أكثر ما يسهم في استمرار الغضب هو عدم رضانا الداخلي؛ أي تلك الحالة من الغضب الكامن أو الافتقار إلى الرضا، التي نسميها في التبت «يي مي ديوا». إن هذه الحالة من عدم الارتياح الذهني العام الكامن هو ما يجعلنا عرضة لتحفيز المشاعر الهدامة، ولا سيما الغضب. وعدم الرضا الداخلي هو الوقود الذي تعتمد عليه المشاعر الهدامة كالغضب والعداء. ولهذا، فمثلما أن إخماد الشرارات الأولى أكثر فاعلية من الانتظار حتى تضطرم النيران لتجنب أضرار الحرائق، تعد معالجة الأسباب الكامنة وراء عدم الرضا طريقة أكثر فاعلية من الانتظار حتى تتفجر المشاعر بالكامل، في كبح المشاعر الهدامة من إلحاق الضرر. (7) الوعي العاطفي
إذا أردنا أن ننجح في معالجة نزعاتنا الهدامة بفعالية، فيجب علينا أولا وقبل كل شيء، أن نراقبها وندرسها عن كثب. فمعالجة الميول الهدامة لا تقتصر على قمعها فحسب. ذلك أن عاداتنا العاطفية والنفسية يمكن أن تكون عميقة الجذور ومتأصلة، وغالبا ما تكون قد تشكلت على مدار العديد من السنوات. ومن ثم، إذا لم نتعامل مع مثل هذه المشاعر بصدق وكبتناها عوضا عن ذلك، فقد يؤدي هذا إلى نتائج عكسية. حقيقة الأمر أن تجاهل المشاعر أو قمعها قد يجعلها تتفاقم بالفعل وتشتد حتى تنبثق إلى السطح كنهر ممتلئ يفيض على ضفافه، وربما تجد هذه المشاعر متنفسا تعبيريا في أفكار وسلوكيات سلبية غير متوقعة. ولهذا؛ فبدلا من قمع مشاعرنا الهدامة، يجب أن نكون منفتحين وصادقين مع أنفسنا وأن نستحضر وعينا ويقظتنا بما يثيرها وما تحفزه فينا، إضافة إلى السلوكيات التي تدفعنا لها. هذا النوع من الانتباه الاستبطاني إلى الطريقة التي تنشأ بها هذه المشاعر بداخلنا، وتتجلى في سلوكنا، هو ما أسميه بالوعي العاطفي. إن ممارسة مثل هذا الوعي من خلال التصدي المباشر لهذه المشاعر وإمعان النظر الدقيق فيها، هي الطريقة الوحيدة التي تمكننا تدريجيا من التحكم فيها.
مرة أخرى، يجدر بنا في هذا السياق أن نفكر في سلوكنا من حيث الأبعاد الثلاثة: على مستوى الجسم، والكلام، والأكثر أهمية؛ العقل. إذا استطعنا الحفاظ على انتباه استبطاني فيما يتعلق بهذه الجوانب الثلاثة لتجربتنا وسلوكنا، فسوف نتمكن تدريجيا من تنمية وعي عاطفي من شأنه أن يكون مفيدا للغاية في كبح دوافعنا السلبية. (8) الانتباه
Bilinmeyen sayfa