Dinlerin Ötesinde: Tüm Dünya İçin Ahlak
ما وراء الأديان: أخلاقيات لعالم كامل
Türler
ليس هذا بالمكان المناسب للشروع في معالجة مطولة للقضية الكبيرة المتمثلة فيما يشكل «العقل»، والطرق التي يتميز بها العقل البشري عن غيره من عقول الكائنات الأخرى؛ ولذا سأكتفي بذكر القليل عن هذا الشأن هنا.
إن المكونات الأساسية للتجربة البشرية، وفقا للعلم الحديث، هي بيانات حواسنا: البصر، والسمع، واللمس، والتذوق، والشم. وفي مستوى آخر من الإدراك، تكمن خبراتنا الذاتية لهذه الأحاسيس الأساسية، وهو المستوى الذي يتحدد فيه إن كنا نختبرها كتجارب ممتعة، أو مزعجة، أو محايدة، أو مزيج من هذا كله. وحسبما نعرف حتى الآن، فإننا نتشارك في هذا النوع من الإدراك للتجربة الحسية من متعة أو ألم مع حيوانات أخرى. فيبدو أن الطيور والثدييات على سبيل المثال، تدرك التجربة الحسية على نحو شبيه للغاية بطريقة إدراكنا لها، بينما يبدو أن أنواعا أخرى من الحيوانات، مثل الأسماك والحشرات، تختلف عنا اختلافا كبيرا في هذا الصدد.
وبصرف النظر عن اتساع نطاق الوعي وتنوعه عبر أنواع الحيوانات المختلفة، فمن الواضح أن جميع الكائنات التي تتمتع بتجربة واعية تتجه نحو السعي وراء التجارب الممتعة وتجنب التجارب غير السارة أو المؤلمة. وفي هذا الجانب الأساسي، لا نختلف نحن البشر عن الحيوانات الأخرى. فعلى غرار الحيوانات، نسعى لتجنب المعاناة وننجذب انجذابا طبيعيا نحو التجارب الممتعة أو السعيدة.
لكن إذا كان هذا التوجه الأساسي سمة مميزة للكائنات الواعية في العموم، فإن البشر يشكلون فئة خاصة نسبيا. فلا شك أن الخبرة الإنسانية تنطوي على ما هو أكثر من الاستجابة للتجربة الحسية. نحن لسنا كالكلاب أو القطط، على سبيل المثال، التي تستجيب بشكل عام لتجاربها بناء على غريزتها فقط. لقد تطور لدينا، نحن البشر، على مدى عدة آلاف من السنين، تعقيد هائل يميزنا عن جميع الحيوانات الأخرى. وينعكس هذا الاختلاف في الحجم الكبير لأدمغتنا ذات القشرة الجبهية المتطورة بدرجة أكبر كثيرا مما هي عليه في أدمغة الأنواع الأخرى. (2) الوعي البشري والتعاطف
في مناقشتي لتعقيد العقل البشري، لا أقصد عملياتنا الفكرية أو العقلانية فحسب وقدرتنا على التفكر الذاتي، وإنما النطاق الكامل لتجربة الوعي التي نختبرها، والتي لا تقتصر على الأفكار والخيال والذاكرة فحسب وإنما تشمل المشاعر والعواطف أيضا. الواقع أنني حين أتحدث عن «العقل» أو «التجربة» بهذه الطريقة العامة نوعا ما، أفكر عادة في الكلمتين التبتيتين: «سم» (العقل) و«شيبا» (الإدراك)، وكلتاهما لا تشير فحسب إلى الأنشطة الفكرية السائدة التي عادة ما ترتبط بكلمات مثل «العقل» و«ذهني» في اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الغربية، بل إلى جميع مجالات تجربتنا الداخلية، بما في ذلك المشاعر والعواطف التي غالبا ما توصف في تلك اللغات على أنها أمور متعلقة بالقلب.
منذ حين، بدأ العلماء الغربيون في إجراء اختبارات عصبية علمية على ممارسي التأمل لوقت طويل من التبتيين، وذلك لقياس الآثار البيولوجية لممارساتهم التأملية. قيل لي إن العلماء في إحدى المناسبات، كانوا يتحدثون عن تجربتهم مع مجموعة من الرهبان في دير «نامجيال» هنا في دارامسالا. ولتوضيح تقنياتهم، ارتدى أحد العلماء على رأسه قبعة بيضاء تبرز منها كتلة كبيرة من الأسلاك والأقطاب الكهربائية. وعندما رآه الرهبان على هذا، انفجر بعضهم في الضحك. ظن العلماء أنهم كانوا يضحكون على المنظر الغريب لعالم غربي بأسلاكه المتصلة برأسه. لكن اتضح أنهم كانوا يضحكون أيضا لدهشتهم من أن الأسلاك كانت متصلة بالرأس فقط دون أي جزء آخر من الجسد. فعلى أية حال، إذا كان الغرض هو قياس صفات مثل الرأفة أو الحنان الناشئ عن الحب، أفلا يكون لأجزاء أخرى من الجسم، كالقلب، الأهمية ذاتها؟ في هذه الأيام، صرنا على دراية أفضل بالنماذج العلمية المعاصرة ولم نعد نندهش كثيرا من المركزية التي يوليها العلم الحديث للدماغ. وقد غير العلماء أيضا طرقهم إلى حد ما؛ إذ تشمل الآن إجراء قياسات للكشف عن التغيرات في القلب.
عند التطرق لما يميز عقل الإنسان عن عقول الكائنات الأخرى، تظهر على الفور بعض السمات الرئيسية. فنحن البشر نتمتع بقدرة قوية وبارعة على التذكر، وهي على ما يبدو أكبر بكثير من تلك الموجودة لدى العديد من الحيوانات الأخرى؛ مما يسمح لنا بالذهاب بأفكارنا إلى الماضي. ونحن نتمتع أيضا بالقدرة على الذهاب بأفكارنا إلى المستقبل. علاوة على ذلك، فإن لدينا خيالا قويا للغاية وقدرة شديدة التطور على التواصل باستخدام لغة رمزية. ولعل الأمر الأكثر تميزا هو أن لدينا القدرة على التفكير المنطقي؛ القدرة على التقييم النقدي ومقارنة النتائج المختلفة في كل من المواقف الحقيقية والخيالية. وبالرغم من أن الحيوانات الأخرى قد يكون لها بعض هذه القدرات بدرجة محدودة، فهي لا تتطابق مع البشر في مستوى تعقيدها.
إلى جانب هذه السمات، لدينا خاصية أخرى أساسية للغاية في هويتنا كبشر؛ وهي قدرتنا الغريزية على التعاطف. لسنا وحيدين في ذلك بالطبع. فبعض الحيوانات تصدر عنها سلوكيات يبدو أنها تدل على التعاطف. ومع ذلك، فهي سمة إنسانية جوهرية. عندما نرى شخصا يتألم، حتى وإن كان غريبا في الشارع أو ضحية لكارثة طبيعية نشاهدها في التلفزيون أو نسمع عنها في الراديو، فإننا نستجيب استجابة غريزية لمعاناته. ولا يتوقف الأمر عند هذا فحسب، بل نشعر أيضا بدافع غريزي للقيام بشيء حيال الأمر؛ لمساعدة ذلك الغريب في الشارع، أو للتخفيف من معاناة من نراهم على شاشات التلفزيون، وذلك بصرف النظر عما إذا تصرفنا بناء عليه أم لا.
ينطبق الأمر نفسه عندما نرى الناس ينتصرون على الشدائد؛ إذ تتيح لنا قدرتنا الفطرية على التعاطف مع تجارب الآخرين أن نشاركهم فرحتهم. أعتقد أن جزءا من السبب في أن الكثيرين منا يحبون مشاهدة الأفلام، والألعاب الرياضية، والمسرحيات، وقراءة الكتب المسلية، وغير ذلك؛ هو أنها، بخلاف ما تقدمه لنا من إثارة، تمنحنا الفرصة للشعور بأفراح الآخرين وأحزانهم كما لو كانت أفراحنا وأحزاننا. إننا نستمتع بطبيعتنا بتجربة التعاطف، وننشدها كثيرا في حياتنا. ومن الأمثلة على هذا، ذلك السرور الذي يشملنا حين يفرح الأطفال الصغار؛ إذ نحب أن نرى وجوههم متوهجة عندما نبتسم لهم، أو نعطيهم شيئا، أو نحكي لهم قصة. وعلى غرار ذلك أيضا، فإننا نستمتع تلقائيا بسعادة أحبائنا. الجميع يفضل رؤية الآخرين مبتسمين على رؤيتهم عابسين.
ولأننا حيوانات اجتماعية؛ أي نظرا لأن بقاءنا وازدهارنا يعتمدان على كوننا جزءا من مجموعة أو مجتمع، فإن لقدرتنا على التعاطف آثارا عميقة على طلبنا للسعادة والرفاهية. (3) السعادة والمعاناة
Bilinmeyen sayfa