لمقامه بواسط يحظرها على سواه، [158 ب] فصار إلى واسط، فعاث أصحابه بها عثثا شدد وكثر الضجيج منهم إليه والدعاء عليهم، فلم يغير ذلك، فأشفق أولياؤه عليه وقالوا: من أراد فحاربة عدو عمل بالإنصاف والعدل في عسكره . ثم كانت كشبه خالية من التوكل والاستعانة وفي بعض ألفاظها بغي منه، فكرة ذلك له. وكانت لي به معرفة، وذلك أنه لما أخرج من الدار وأطلق، وأنزل في( دار دينار، طلبني فمضيت إليه فرأيته رجلا أكثر ما فيه عقله يفهم ويفهم، ويدري ماله وما عليه، كريم العشرة، حسن الأدب، فطلب كثبا كثيرة من كتب العلوم فأنفذتها إليه، وكنت أغشاه كثيرا إلى أن أخرج عن بغداد إلى عمله، فعملت «رسالة فى نحو عشرون ورقة خاطبته فيها» وذكرت أمر البحرين وهجر ومن كان بها من الخوارج، وأن أبا فديك الخارجي كان في ثماني مئة فارس فهزم للسلطان جيوشا في عشرة ألف ونحوها، حتى ندب له عبد الملك بن مروان عمر بن عبد الله بن معمر في نيف وعشرين ألفا فهزم [159 آ] أيضا أصحابه، فمن الله عز وجل عليه بأن رأى «أبا فديك» في خف (1) فقصده فقتله. وأشرت عليه بمطاولته أيضا، والتأني وترك مناجزته في ساعة، ولا ينعى (2) عليه. وهي رسالة حسنة جدا قد تناسخها الناس، فقضى الله عز وجل أن وقع العمل بخلافها، وبادره القرمطي فسبقه إلى الكوفة، فلم يقم حتى واقع القرمطي، فهزمه القرمطي وأسره بعد أن قتل صناديد عسكر القرمطي وفرسانه وجرح الباقون، فكانت هذه التي (3) أضعفثه وإن كان ظافرا فيها. وسار القرمطي يريد بغداد، فقصد الجسر بالأنبار وكان قطع وعبر يريد بغداد، وخرج مؤنس الخادم وأبو الهيجاء وجيش السلطان ونصر الحاجب وهارون بن غريب الخال إلى ( ) (24، ثم بلغهم رحيل القرمطي يريدهم، فبادر «نصر» فوافى نهرا يقال له: «زبارا» (5)، فوقف على قنطرة تعرف بالقنطرة الجديدة، وأراد العبور إليه، فأشار أبو الهيجاء بقطع القنطرة، وحذر نصرا اختلاف [الرأي] (6).
Sayfa 157