60

Sinema Nedir

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

Türler

24

مثل هذا «التعطل» في الأدب الذي تحدثه تكنولوجيا السينما ربما يبدو أنه يدنس كلا الوسيطين؛ ومع ذلك، اعتبر بازان أن هذا «كما يؤكد الغبار شفافية الماس» هو «اللانقاء في أنقى صوره»، حالة سامية للسينما أيا ما قد تكنه السينما.

لذا، في عام 1953، حين رفع كثير من المساهمين في كتاب «سبع سنوات من السينما الفرنسية» قدر بريسون بوصفه طلائعيا لا يساوم - ومخرج فرنسا الرائد في فترة ما بعد الحرب - لم يفعلوا هذا على الرغم من حقيقة أنه كان يقتبس الروايات، ولكن بسبب هذه الحقيقة.

25

برزت كلمات الموديلات البشرية التي تجسد تصميم الرواية، وإيماءاتهم في مسرح الحدث المادي؛ وهذا هو أساس «التصوير السينمائي» عند بريسون. كان بازان متأكدا أن هذا يفعل أكثر من مجرد تحديث الرواية؛ فهو يسكن ما هو أدبي في العالم. ربما توجد الكتب في المكتبات، لكن «ما هو أدبي» يوجد فقط في صورة كتابة وقراءة في الفضاء الذهني أو الروحي. يمكن أن تنفتح السينما على هذا الفضاء وتكون الأفضل له.

استنتج بازان هذه الأفكار بينما كان فرانسوا تروفو يعيش في منزله. وبما أن الشاب المتحمس للسينما يحمل هذا الشغف بالروايات، وذلك البغض للحالة السائدة للسينما الفرنسية، فقد كان حتميا أن يناقشا المواءمة الأدبية. في العدد الحادي والثلاثين من «كاييه دو سينما» بتاريخ يناير 1954، على خلفية الأيام المملة الخالية من الأحداث للجمهورية الرابعة، ظهر مقال تروفو الانفعالي النابع من هذه المحادثات تحت عنوان «نزعة سائدة في السينما الفرنسية». وفيما يمكن رؤيته على أنه بدايات انقلاب للسيطرة على السينما الفرنسية، عصف مقال تروفو بأسس مؤسسة السينما، وأثار صرخة غضب وألم فورية ردا عليه. يمكنكم الشعور بهذا في المزاج اللاذع للمقال، حتى بعد أن لطفه محررا المجلة اليقظان، بازان ودونيول فالكروز. بالنظر للماضي، تتجلى كراهية «كاييه» تجاه المسئولين عن صحة فرنسا السينماتوغرافية من العدد الأول في عام 1951، لكن لم يتوقع أحد القسوة الصريحة التي كانت تميز «نزعة سائدة في السينما الفرنسية»، وهو مقال إرهابي مصمم للتشويه والإهانة، وليس لتغيير السلوك من خلال كياسة النقد الخالص.

مع ادخار بريسون لوقت اللزوم، هاجم تروفو بجرأة معقل السينما الفرنسية، قلعة «الأدب». في أول اتهام يوجهه لها، ادعى تروفو أن عشرات من المخرجين وثلة من كتاب السيناريو المسيطرين على السينما الفرنسية خانوا تطلعات الشكل الفني لأنهم من البداية خانوا التقليد الأدبي الذي يفترض أنهم رأوا أنفسهم يتطورون منه. حقا، ازدهرت «سينما الجودة» على أساس اقتباسات لروايات كتبها زولا وستيندال وبلزاك وفلوبير وجيد وراديجيه وكوليت. حتى تلك الإنتاجات التي كانت رسميا «سيناريوهات أصلية» يمكن القول إنها كانت تعرض الحوار الأدبي، وذلك النوع المنحوت بعناية من مواقع التصوير والأزياء والتمثيل، الذي كان الفرنسيون يقرنونه بالذوق الرفيع. لكن تصور الأدب الذي يعززه «أسلوب الجودة» كان في نظر «كاييه دو سينما» صبيانيا، ومتملقا، ومدمرا لكلا الوسيطين الأدبي والسينمائي. كتب تروفو: «لا أعتبر أي اقتباس ذا قيمة إلا حينما يكتبه «رجل سينما». أورونش وبوس (وهما كاتبا السيناريو اللذان كانا مهندسي الطريقة الكلاسيكية) أديبان من حيث الأساس، وألومهما هنا على ازدرائهما للسينما ببخس حقها. هما يتصرفان، فيما يتعلق بالسيناريو، كما لو كانا يعيدان تأديب شاب جانح بالعثور على وظيفة له.»

كان من السهل لتروفو السخرية من ذرائع هذا الأسلوب، وكان من الأسهل له إثبات أن هذه «الاقتباسات» زائفة. ففي النهاية، كيف أمكن لفيلم جون ديلانوي «السيمفونية الرعوية» («لا سيمفوني باستورال»، 1946) المقتبس من رواية أندريه جيد القصيرة الرائعة في القرن التاسع عشر أن يخرج للنور مشابها تماما فيلم كريستيان جاك «بيت مستأجر في بارما» («لا شارتوز دو بارما»، 1948) المقتبس من رواية ستيندال المستفيضة؟ اختزلت عملية صناعية ما هذه المصادر الأدبية المختلفة إلى تمثيلات سينمائية محايدة. هاجم تروفو مهارة الكتاب إلى جانب العمل الذليل الروتيني لمخرجين شبه تجاريين كانوا راضين عن تقديم ما اختزل إلى نصوص سينمائية تقليدية، وشغلها بممثلين معروفين حسني التأنق.

رغم أنه لم يستخدم هذا المصطلح في وقته، كان ترفو يهدف للترويج ل «أسلوب كتابة» سينمائي قوي. ربما كان «نظام الجودة» يمني نفسه بأنه الوريث المباشر لمؤسسة الأدب الجليلة، لكن، بوصفه هو نفسه مؤسسة، مؤسسة متعجرفة، فقد أسهم في تثبيط طاقة الكتابة الحقيقية وإبداعيتها؛ ولا شيء سوى جهد كتابي مميز يجعل عملا أدبيا جديرا بالاقتباس في المقام الأول. انتقل ولاء تروفو إلى سينمائيين أفراد كان فخورا بتسميتهم «مخرجين أصلاء»؛ مثل: جون رينوار وجاك تاتي وجون كوكتو، وخصوصا روبير بريسون، وهم الذين كانت صناعة الأفلام من وجهة نظرهم رمزا ماديا للكتابة.

أوضح بازان هذه النقطة بعينها إذ نشر مقال «من أجل سينما مشوبة»، وكررها عام 1958 في مساهمته في عدد خاص بعنوان «الفيلم والرواية» من مجلة «لا ريفيو دي لتر مودرن» التي تبدأ ب «الموقف النقدي» الذي اتخذه:

Bilinmeyen sayfa