13
من وجهة نظر بازان، المركز الفارغ لأي تمثيل بصري هو الروح الخاوية للمومياء، وهو المثال الذي يبدأ به بازان مقاله الرائع: «تكمن في أصل الرسم والنحت عقدة مومياء ...» تقبع المومياء مغطاة بالضمادات الملفوفة حولها مثل أمتار من شريط فيلم
14
على عمق كبير داخل هرم مجوف، تحميها متاهة (دعونا نسميها خطوط الحبكة) من سارقي القبور (دعونا نسميهم النقاد). لسنوات، قيل: إن واقعية بازان الساذجة اعتبرت أن المرئي هو الواقعي، الصورة الكاشفة التي نصل إليها بعد حل متاهة السرد أو تبديدها؛ في حين كانت دائما روح المومياء هي ما كان يبحث عنه عبر ما يظهر على الشاشة. ولا عجب أن بازان أصبح أشد المدافعين عن فيلم روسيليني «رحلة إلى إيطاليا» («فوييدج تو إيتالي»، «فوياجيو إن إيتاليا»، 1953). في مشهد ذروة الفيلم، يظهر قالبان من الجبس لجثتين يتم استخراجهما بالتدريج في مدينة بومبي الرومانية ليخاطبا (ويتهما) بطلي الفيلم إنجريد برجمان وجورج ساندرز. وهكذا فإن الفراغ في قلب السينما يستجلب امتلاء العالم الأخلاقي الذي يخاطبنا.
كشف القلب الفارغ. «رحلة إلى إيطاليا».
يعد مقال بازان عن «الأنطولوجيا» المكون من إحدى عشرة صفحة الأهم من بين أربعين مقالا كتبها أثناء الاحتلال النازي لفرنسا. وبجانب المنشورات التي يحفل بها نادي السينما، والمراجعات المنشورة في الصحف التي كانت هجومية حقا، كان مقال «الأنطولوجيا» مختلفا تماما؛ حيث أعد بعناية شديدة من أجل نسخة خاصة من مجلة «كونفليونس» المرموقة بعنوان «مشكلات التصوير». وبدلا من الطاقة الشبابية التي كانت تميز معظم كتاباته المبكرة - وهو المتوقع من متحمس للسينما في الخامسة والعشرين من عمره - يجد القارئ نوعا من السوداوية في المقال عن التصوير. والواقع أن نشر هذا المقال تضمن الموت والتأجيل؛ حيث اجتاحت المليشيا الفرنسية المطبعة في مدينة ليون التي كان من المفترض أن تخرجه في مايو عام 1944؛ وأعدموا الناشر، وتسببوا في تأخير ظهور المقال لما يزيد على العام.
15
وأنا أرجع تاريخ تصور فرضية المقال الرئيسية بشأن الأثر الفوتوغرافي إلى أوائل عام 1944؛ لأنه يظهر نقلة مذهلة حينما يقارن بمقاله الأكاديمي بعض الشيء، الذي نشر في نوفمبر عام 1943 بعنوان «من أجل جمالية واقعية». ربما كان مناخ الاحتلال بدأ في التأثير فيه، بإضفائه قناعا خادعا من الهدوء، وهمساته، وشفراته السرية، ومقاومته، وتخفياته. أثناء القبوع في غرف باردة بعد بدء حظر التجوال، كتب مقال «الأنطولوجيا» متمرد فقير، أكاديمي فاشل، مبهور بالظواهر الوجودية. لكن دعونا نترك جانبا سيرة الحياة من أجل الفيلولوجيا، لنوضح بالتفصيل (بالمعنى الفوتوغرافي) أساس هذا المقال، الذي يقبع في أساس الحداثة السينمائية.
اقتفاء أثر بازان
داخل نادي السينما الذي كان يديره في متحف «ميزون دي ليتر» بالقرب من جامعة السوربون، كان بازان متحمسا من آن لآخر لرؤية جون بول سارتر حينما يحضر. هل تواصل هو وسارتر؟ بعد مرور بضع سنوات سيتجادلان بشأن فيلم «المواطن كين» («سيتيزن كين»، 1941)، وينشر سارتر عن طيب خاطر توبيخ بازان له في مجلة «لو توم مودرن».
Bilinmeyen sayfa