Martin Luther: Çok Kısa Bir Giriş
مارتن لوثر: مقدمة قصيرة جدا
Türler
لاقت آراء لوثر عن الحياة الأسرية والعلاقات ردود فعل متباينة، فهو لم يؤكد على سبيل المثال على استقامة حياة التبتل؛ والسبب على وجه التحديد هو أنه هدف إلى استرداد كرامة الزواج من إعلاء التبتل باعتباره حالة اجتماعية أفضل، غير أنه أكد أنه من الممكن أن يحيا المرء بشرف وهو عزب، ما دام لا يقصد بتبتله «إنكار نعمة المسيح وفضله». وعكس ميله إلى قصر حياة المرأة في نطاق الحياة المنزلية وانتقاداته الحادة، التي وجهها للأزواج والزوجات الذين يرفضون الإنجاب؛ تأثره بالثقافة البطريركية السائدة في ألمانيا القرن السادس عشر، والتهديد الذي شكلته وفاة الأزواج والأطفال المبكرة على جميع الأسر. كما لم يؤيد لوثر، كمعظم نظرائه، الزواج المثلي الذي وسم ازدراء في هذا العصر ب «الخطيئة المسكوت عنها»، أو «اللواط» أو «الزواج الإيطالي». ظهرت هذه الأوصاف بصفة رئيسة في السياقات التي تلقي باللائمة على اشتراط العزوبية في رجال الدين لتسببه في ممارساتهم الجنسية المشينة. وقد تشكلت آراء لوثر في هذه المواضيع كافة من التوجهات التقليدية المجحفة السائدة، ومن تفسيره للإنجيل، غير أنه أدلى ببعض آرائه كمقولته التالية بحماس:
وعظ الأطباء القدامى وعظا سديدا بأن الزواج فضيلة محمودة؛ لأنه يثمر الأطفال والإخلاص والحب. لكن فائدته الجسدية أيضا من المنافع الثمينة، وتوصف استحقاقا بأنها أعظم فضائل الزواج؛ بمعنى أن كلا من الزوجين يستطيع أن يعتمد على الآخر، وأن يعهد إليه بكل ما له على الأرض، حتى يطمئن إلى زوجه كما يطمئن إلى نفسه.
هوامش
الفصل الثامن
ملائكة وشياطين
لم تكن وفاة طفلين في أسرة لوثر أمرا غير معتاد في أوروبا القرن السادس عشر؛ إذ ساد مناخ قاس وظروف صحية عامة سيئة وانتشرت الأوبئة. وعلى الرغم من أن المؤرخين عدوا هذا القرن على مشارف حقبة مبكرة من العصر الحديث من حيث الظروف المعيشية والوعي الثقافي، فإنه لا يزال يندرج تحت أواخر العصور الوسطى، ومارتن لوثر كان ينتمي للعصور الوسطى. كانت الأمريكتان قد اكتشفتا، وجمع الأوروبيون على مدى قرون بعض المعارف عن آسيا وشمال أفريقيا، لكن لوثر كغالبية معاصريه ظل يحيا في حدود إطار المسيحية الأوروبية الضيق، كما أنه لم ينظر إلى القرن الذي عاش فيه على أنه من العصور الحديثة أو الوسطى، ولم يقسم المسيحية إلى طوائف كاثوليكية وبروتستانتية كما صنفت فيما بعد. فبالنسبة له، كانت حركة الإصلاح الديني نقطة تحول فاصلة؛ لأنها نقلت المسيحية الغربية من فترة طويلة، ظلت بها رهينة لسيطرة البابا، إلى عهد جديد تحرر من هذه السيطرة. وقد آمن لوثر منذ عام 1520 بأن الكنيسة الغربية يجب أن تتحرر من بابوية روما، التي أصرت على أنها هي الكنيسة الوحيدة، واتسع مفهوم الكنيسة على يد لوثر ليشمل كل تجمع من المؤمنين الذين يحيون في «الإيمان الحق والأمل والحب».
لكن للأسف استثنى تصوره المهيب لكنيسة عالمية ومسيحية محررة ، جميع غير المؤمنين والمسيحيين بالاسم الذين لم يتفقوا مع تعريفه «الإيمان الحق والأمل والحب». ورأى أن مسيحية أوروبا كانت مهددة من الداخل والخارج من قبل «البابويين» أو «الكاثوليكيين»، الذين ظلوا رعايا مخلصين للبابا، ومن قبل جماعات الإصلاح الديني غير الكاثوليكي - الذين وصفهم لوثر بالمتحمسين والدعاة إلى مجازية القرابين (القائلين بتجديد العماد والإصلاحيين السويسريين) - ومن قبل أتباع اليهودية والإسلام. وكان كل من اليهود والأتراك - كما كان لوثر يطلق عليهم - ينظر إليهم بالفعل على أنهم تهديدات للمسيحية في العصور الوسطى، لكن الشعور بحدة خطر هذه التهديدات تزايد مع طرد اليهود من العديد من البلدان، وإطباق الجيوش التركية على أوروبا الوسطى. وقد نظر لوثر إلى هذه التهديدات على أنها محاولات من الشيطان لعرقلة حركة الإصلاح الديني والقضاء على الكتاب المقدس قبل أن ينقذ ألمانيا من يوم الحساب الذي اقترب بلا شك، بل رأى لوثر أنه كلما زادت معارضة الإصلاح الديني، ازداد يوم الحساب قربا، وازدادت الحاجة إلى المزيد من المقاومة والصلاة؛ لإنقاذ عدد قليل على الأقل من الأرواح. من هنا كان إيمان لوثر بالشيطان أقوى مما آمنت به الخرافات الشائعة؛ لأن الكثير كان على المحك؛ لا ثروات الدنيا وحسب، بل أيضا الخلاص الأبدي وبقاء المسيحية.
آمن لوثر كذلك بالملائكة، وتحدث عنها في 29 من سبتمبر عند الاحتفال بعيد القديس ميخائيل وجميع الملائكة، فأشار في عظته في هذا اليوم من عام 1530 إلى أن هذا الاحتفال - كغيره من أيام أعياد القديسين الأخرى - احتفل به بطقوس وثنية، اختلقت الأكاذيب والخرافات عن الملاك ميخائيل، بدلا من تعليم الناس تقدير حماية الملائكة جميعا لهم. وأيد لوثر الاعتقاد الشائع بأن الشيطان - شأنه شأن ميخائيل - خلق ملاكا، لكنه تحول إلى طاغية، استخدم قواه في الإضرار بالبشر، بعكس رئيس الملائكة ميخائيل، الذي لم تخدم قواه الخارقة إلا في خير البشر. فالناس الذين اعتقدوا أن الشيطان بمنأى عنهم، ولا يشكل تهديدا شخصيا عليهم؛ عجزوا عن تقدير أهمية الملائكة، ومن ثم حذرهم لوثر بأن عليهم أن يدركوا أن «الشيطان أقرب إليهم من لباسهم أو قميصهم، وأنه يحيط بهم بإحكام أكثر من جلودهم »، وواجب الملائكة هو حماية المؤمن من الشيطان الدائم الحضور والدمار، الذي قد يجلبه على منزله وزوجته وأطفاله. ومن حسن الحظ أن كل مؤمن عين له ملاك حارس وفقا لنصوص الكتاب المقدس التقليدية (إنجيل متى، الإصحاح 18: الآية 10) وجميع الملائكة ترغب في سلام البشر. إلا أن المؤمن البروتستانتي لا يعبد الملائكة أو يصلي لهم، ولكنه يشكر الله ويحمده؛ لأنه بفضل الملائكة، يرى الخير أكثر مما يرى الشر، والنهار أكثر إضاءة من الليل، وعدد الأحياء يربو على عدد الأموات، والأمن يعم المنازل والمجتمعات.
لكن رغم أهمية الملائكة كرس لوثر أغلب خطبه لتكون عن الشيطان، وهو فارق كاشف؛ فلأنه شعر على الدوام بأنه محاصر من الشيطان، طغى قلقه منه على اطمئنانه إلى حماية الملائكة، فرأى أن الشيطان قد صنع مملكة له، وقيد البشرية بالخطايا ليملأ العالم بالظلم وإراقة الدماء، فلا يبرأ شخص من الإثم ويفر من الحساب. وآمن أن البشرية محكومة بثالوث الشر المقيت: الخطيئة والموت والشيطان، وسيستمر هذا الحكم ساريا حتى يضعف الإنجيل قبضته ويحرر الإيمان البشر. لكن حتى عندئذ يبقى المؤمن مهددا بالإغواء وفقا لتفسير لوثر للدعوة السادسة في الصلاة الربانية («ولا تدخلنا في تجربة»)، فيقول:
مع أننا نلنا المغفرة وسلام الضمير وتحررنا تماما من خطايانا، لكن هكذا هي الحياة أن ينهض المرء على قدميه اليوم ويتعثر غدا؛ لذا حتى إن كنا نقف اليوم أمام الله على أقدامنا بضمير سليم، فعلينا أن نطلب منه مجددا ألا يتركنا نسقط وننهار تحت وطأة هجمات الشيطان والإغواءات.
Bilinmeyen sayfa